الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محل سقوط الحد بالتوبة

السؤال

اختلف أهل العلم في هذه المسألة, جاء في المغني: وإن تاب من عليه حدٌّ من غير المحاربين وأصلح ففيه روايتان:
إحداهما: يسقط عنه، لقول الله تعالى: "واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما", وذكر حد السارق، ثم قال: "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه", وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له", ومن لا ذنب له لا حد عليه، وقال في ماعز لما أخبر بهربه: "هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه", ولأنه خالص حق الله تعالى فيسقط بالتوبة كحد المحارب.
والرواية الثانية: لا يسقط, وهو قول مالك, وأبي حنيفة, وأحد قولي الشافعي؛ لقول الله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة", وهذا عام في التائبين وغيرهم، وقال تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما", ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزًا والغامدية, وقطع الذي أقر بالسرقة, وقد جاؤوا تائبين يطلبون التطهير بإقامة الحد، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم توبة، فقال في حق المرأة: "لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم", وجاء عمرو بن سمرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إني سرقت جملًا لبني فلان فطهرني, وقد أقام رسول الله صلى الله عليه سلم الحد عليه، ولأن الحد كفارة فلم يسقط بالتوبة - ككفارة اليمين والقتل - ولأنه مقدور عليه فلم يسقط عنه الحد بالتوبة - كالمحارب بعد القدرة عليه. أهـ. ما القول الراجح؟ ولماذا؟ بالإضافة إلى التوبة وإصلاح وتحسن من سب النبي صلى الله عليه وسلم, ومن تاب من الزنا, والسرقة قبل القدرة عليه, فهل يسقط الحد عنه؟ ولماذا؟ وهناك شخص تاب من الزنا منذ عشر سنوات, وتاب منذ ذلك الحين وأصلح, وغيَّر صورته, وتحسن من حين إلى آخر, ولكن أمره وصل إلى القاضي بعد عشر سنوات من أشخاص رأوه, وكان الاثنان تائبين فهل يقام عليه الحد, ولماذا - بارك الله فيكم, وجزاكم كل خير على المواقع والفوائد التي استفدتها من هذا الموقع -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد رجح شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى سقوط الحد بالتوبة قال - رحمه الله -: مسألة : فيمن وجب عليه حد الزنا فتاب قبل أن يحد: فهل يسقط عنه الحد بالتوبة؟ الجواب: إن تاب من الزنا, والسرقة; أو شرب الخمر, قبل أن يرفع إلى الإمام: فالصحيح أن الحد يسقط عنه, كما يسقط عن المحاربين بالإجماع إذا تابوا قبل القدرة. اهـ

وراجع في شأن الساب الفتاوى التالية أرقامها: 193887 , 117954، 126044 ، 77625.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني