الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تأثم الزوجة إن غضبت من زوجها كونه يضربها بعنف

السؤال

زوجي يحبني جدًّا, وأنا أيضًا, ولكنه عند الانفعال من الممكن أن يضربني بالقميص على وجهي, أو يقرصني حتى تؤلمني بشدة, أو يضربني على رأسي من فوق بشدة, وكنت في السابق أسكت, ولكني الآن لم أعد أتحمل, فإذا غضبت منه فهل عليّ إثم؟ وما حكم ما يفعله؟ وكيف أتعامل معه؟ أريد النصيحة بشدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالضرب المأذون فيه للزوج يكون بعد استعمال الوعظ والهجر وعدم إفادتهما, ولا يجوز أن يكون على الوجه أو الرأس، قال النووي - رحمه الله -: والوعظ: التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة واجتناب المنكر, (ثم) إذا لم يفد الوعظ (هجرها) أي: تجنبها في المضجع فلا ينام معها في فرش, لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة,(ثم) إذا لم يفد الهجر (ضربها) أي: جاز له ضربها ضربًا غير مبرح, وهو الذي لا يكسر عظمًا, ولا يشين جارحة, ولا يجوز الضرب المبرح, ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه والقصاص، ولا ينتقل لحالة حتى يظن أن التي قبلها لا تفيد.

وقالالحجاوي - رحمه الله -: .. فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش, وتركها من الكلام, ضربًا غير مبرح, أي: غير شديد, ويجتنب الوجه, والبطن, والمواضع المخوفة, والمستحسنة: عشرة أسواط فأقل, وقيل: بدرة, أو مخراق منديل ملفوف, لا بسوط, ولا بخشب. وانظري الفتوى رقم: 81051.

فإذا كان زوجك يضربك لغير مسوغ. أو ضربًا مبرحًا، فلا حق له في ذلك, وغضبك منه حينئذ لا إثم فيه - إن شاء الله - قال ابن حجر - رحمه الله -: ... ولا يتجه عليها اللوم الا إذا بدأت هي بالهجر فغضب هو لذلك, أو هجرها وهي ظالمة, فلم تستنصل من ذنبها وهجرته.

والذي ننصحك به هو أن تعاشري زوجك بالمعروف, وتطيعيه في المعروف، وتتجاوزي عن هفواته وزلاته، وإذا ضربك بغير حق فلك رفع أمره للقاضي ليردعه, أو يطلقك منه، لكن ينبغي عدم التعجل في ذلك, والسعي في الإصلاح والتفاهم، واعلمي أن المرأة إذا قدرت على استرضاء زوجها - ولو كان ظالمًا لها - فذلك من مكارم الأخلاق، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى. رواه الطبراني, وحسنّه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني