الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتناع المرأة من الرجوع لبيت الزوجية بين النشوز وعدمه

السؤال

ما حكم الشرع في فتاة حافظة لكتاب الله وتدرس الطب بإحدى الجامعات الخاصة، وبكامل حجابها الشرعي ومع محرم وصحبة صالحة وجميع ضوابط الشرع، وجامعتها تبعد عن بيت أهلها مسافة 10 ساعات بالسيارة ويقيم معها محرم، ثم خطبها شاب ملتح وطبيب وحافظ لكتاب الله، فوافق والدها لكنه اشترط عليه أن تكمل دراستها، لأن والدها يدفع مبلغا ماليا كبيرا جدا سنويا لجامعتها، فوافق، وعلى أن يعطيها الزوج نفقتها الخاصة من الطعام والشراب، وتم الزواج، ثم بعد ذلك بدأ الزوج يغضب من سفر زوجته ويرفض سفرها ويتشاجر معها في كل مرة وإن سافرت للجامعة فإنه يريدها أن تعود له سريعا، وإن لم تستطع لظروف والدها ـ المحرم ـ لأنه شخص مريض شبه كفيف ويسير بعكازين ودائم التردد على المستشفيات يغضب ويقول لها إنها ناشز وإنها لا تطيعه ويدعو عليها ويقول إن والدها هو السبب في كل شيء رغم أن الوالد يفعل كل ما بوسعه لإرضائه، ومنع الزوج لها يتسبب في رسوبها، وبسبب هذا فإن على الأب أن يدفع مجددا هذه الرسوم المالية، وبهذا فإن الزوج يخل بالاتفاق، وبعدما أصبحت حاملا بدأت المشاكل تزداد بسبب شدة إهماله لها وعدم إنفاقه عليها إلا مالا شهريا رمزيا لا يكفي لأسبوع، وهذا من بداية الزواج، وازداد بعد الحمل، وبسبب الحمل صارت غير قادرة على كثرة السفر، لأن الحمل يتعبها كثيرا بالإضافة إلى دراستها، وفجأة اتصل عليها وأخبرها أنه لا يريدها ثانية وأنه لن يدخلها منزله مجددا وأنه يكرهها، لأنها تطيع والدها، وأنه غير مسؤول عن ابنه الذي في بطنها، وأغلق الهاتف في وجهها مرتين وهي لم تسيء له في شيء ولم ترد عليه، فتدخلت والدتها وأصلحت بينهما، ثم عندما سافرت مجددا تشاجر معها وقال لها إنه يريد أن يطلقها فاستسمحته وفعلت المستحيل وعادت له وصالحته، ثم جاءت الاختبارات، وعندما أخبرته قال لها مرارا اذهبي ولا تعودي ولا أريدك مجددا ومهما تدخل أحد للصلح فلن أقبلك ثانية، فذهبت لأنها تريد الوفاء لوالدها بوعد الزواج وإكمال دراستها ولم يبق لها إلا عام واحد والآن يشوه سمعتها أمام الجميع بأنها ناشز وتخرج بدون إذن، ثم رفض عودتها رغم تدخل أهل الخير، ثم جاء إلى بيت والدها بعدما أرسل له والدها الكثير من الناس وبرفقته 8 أشخاص للصلح لكنه تشاجر مع أهلها ووالدها ووالدتها وسبهما وأهانهما وغادر، ثم بعد مدة اتصل بها وطلب منها العودة إلى منزلهما لكنها رفضت إلا بعد أن يعتذر لأهلها ، فرفض، فرفضت العودة إليه، لأنها خافت من سوء خلقه ولأنه بخيل ومريض بضعف الانتصاب ودائم الكذب ويخرج أسرار المنزل لأهله وزملائه، فطلب والدها منه الطلاق، ثم اتصل بها وقال لها إنه لن يطلقها وسيتركها في بيت أهلها معلقة وسيتزوج بأخرى ولن ينفق عليها ولا على ابنه، لأنها ناشز وأن كل حقوقها قد سقطت ولن يعطيها باقي المهر، وأنه يدعو عليه، وأن الملائكة تلعنها وتمنى أن يحدث إجهاض للطفل حتى لا ينفق عليه ولا مسكن وجميع الأسرة تتمنى موت الجنين حتى لا ترتبط العائلتان، فغضبت وردت عليه بصوت مرتفع دون أن تسبه... فهل عليها إثم؟ وهل عليها الاعتذار له أم لا؟ وهل هي ناشز إن رفضت العودة أو أجلتها حتى الولادة؟ وما هي حقوقها علي زوجها؟ وإن طلقها فهل يعد ظالما لها؟ وماذا تفعل إن أصر والدها على الطلاق مع عدم رغبتها هي وتخاف من غضب والدها لأنه سيقاطعها إلى الأبد وسيتبرأ منها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوج أن يفي لزوجته بما اشترطت عليه قبل العقد من شروط لا تنافي مقتضى العقد من نحو ما ذكر من إكمال الدراسة، ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 32140.

وإذا طلب الزوج من زوجته الرجوع إلى بيت الزوجية وامتنعت عن ذلك لغير عذر شرعي كانت ناشزا، ولكن إن كان في رجوعها ضرر عليها كما لو كان يضربها ضربا مبرحا، فلا تكون ناشزا بامتناعها من الرجوع لبيته، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية باختصار: يرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية بلا إذن الزوج إن كانت لها نازلة.......... وكذا إن ضربها ضربا مبرحا.

ورد الزوجة على إساءة زوجها لها ولأهلها دون تعد ولا سب لا إثم فيه ـ إن شاء الله ـ لكن إن اعتذرت له فهو أكمل وأفضل.

وأما بخصوص طلب الوالد من ابنته التطليق من زوجها: فلا تلزمها طاعته في ذلك، قال المرداوي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق.

وقال ابن تيمية رحمه الله: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ.

وإذا طلق الرجل زوجته لسوء العشرة بينهما، فطلاقه مباح لا حرج فيه، ولا يكون بذلك ظالماً لها، وتراجع الفتوى رقم: 61804.

والذي ننصح به هو السعي في الإصلاح والوفاق، والاستعانة بالعقلاء في ذلك، وإن تعذر الإصلاح والإمساك بمعروف، فليكن التفريق بإحسان، وفضل الله واسع، قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

كما ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا إسلام ويب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني