الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الإيمان بالرسل واختلاف الشرائع ونسخ القرآن للشرائع السابقة

السؤال

الإيمان بالرسل: اعتقاد عصمتهم في تبليغهم الوحي، وعصمتهم من الكبائر والصغائر التي تدل على خسة الطبع وسفول الهمة ـ فما المقصود بسفول الهمة؟ وهل بتبليغ الوحي؟ وما المقصود بخسة الطبع؟ وهل إذا فهمت معنى هذا الكلام أصبحت لا أؤمن بالرسل ولا بالكتب؟ فما معنى وأن هذه الكتب فيها تشريع يتلاءم مع القوم الذين أنزلت عليهم؟ وما معنى أن القرآن نسخ جميعها؟ وما معنى أن الرسول أرسل مبشرا بالخيرات؟ وما هي الخيرات؟ وهل يوجد شيء من الذي ذكرته إن لم أؤمن به أعتبر غير مؤمن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمقصود بصغائر الخسة: الصغائر التي تدل على خسة الطبع, ومثل له الشوكاني بقوله: وهي التي يقال لها صغائر الخسة كسرقة لقمة, أو التطفيف بحبة. اهـ.

وقال ابن عرفة في حدوده: قَلِيل الصَّغَائِرِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ خِسَّةٌ كَتَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ فِي سُوقٍ، فَهَذَا عَظِيمٌ وَيُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ. اهـ.

وجاء في موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهانوي الحنفي: وبعض الصغائر وهو ما يدلّ على خسّة النفس ودناءة الهمّة كسرقة لقمة والتّطفيف في الوزن بحبّة، وكالأكل في الطريق والبول في الطريق، وبعض المباح وهو ما يكون مثل ذلك كاللعب بالحمام والاجتماع مع الأراذل.. اهـ.

والمقصود بسفول الهمة: قلة الهمة في تحصيل مكارم الأخلاق ومعالي الأمور, والأنبياء والرسل معصومون من ذلك، وعدم علمك بمعاني هذه الكلمات لا يعني أنك لم تؤمن بالأنبياء والرسل، فإيمانك بأنهم مرسلون من عند الله وأنهم متصفون بمعالي الأخلاق ومعصومون عن سيئها، هذا كاف ـ إن شاء الله تعالى ـ ومعنى أن تشريع الكتب السابقة يتلاءم مع القوم الذين أرسلت إليهم أنها تناسب حالهم والظروف والبيئة التي كانوا يعيشون فيها، فأحل الله لهم ما ينتفعون به وحرم عليهم ما فيه مضرة عليهم, قال السعدي في تفسير قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ـ وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها... اهــ.

وقال ابن كثير: وَأَمَّا الشَّرَائِعُ: فَمُخْتَلِفَةٌ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ حَرَامًا، ثُمَّ يَحِلُّ فِي الشَّرِيعَةِ الْأُخْرَى، وَبِالْعَكْسِ، وَخَفِيفًا فَيُزَادُ فِي الشِّدَّةِ فِي هَذِهِ دُونَ هَذِهِ، وَذَلِكَ لِمَا لَهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 137602، عن الحكمة من تعدد الشرائع.

ومعنى القول بأن القرآن نسخ الشرائع السابقة: هو أن ما جاء في الإسلام من التشريعات تخالف الشرائع السابقة أنه يزول به حكم تلك الشرائع، فلا يُتعبِّدُّ الله بها، والنسخ معناه الإزالة، والرسل أرسلهم الله تعالى مبشرين ومنذرين، كما قال تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ {النساء:165}.

والمعنى: مبشرين لمن أطاع الله واتبعهم بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومنذرين من عصى الله وخالفهم بشقاوة الدارين, وأنت ـ إن شاء الله ـ على خير، ونوصيك بالاجتهاد في طلب العلم، زادك الله حرصا وتوفيقا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني