الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تطليق الزوجة لأمر ما ثم تبين عدم صحة هذا الأمر

السؤال

سؤالي لفضيلتكم كالتالي: اختلفت مع زوجتي لشكها الدائم في، ودائما ما تطلب مني الطلاق، منذ ثلاث سنوات وأنا أتهرب دائما، ولكن لم يقع الطلاق. فدبرت لي مكيدة، قالت لي بأن لها علاقة مع شخص آخر حتى جن جنوني، واشتد بي الغضب. فقلت لها: قولي لي من هو وسوف أطلقك. فقالت: لي احلف، فحلفت بالله ثلاثا، قلت لها: كنت صادقة أو تريدي أن تجبريني على هذا، وبعد ذلك قالت لي إنها كاذبة. ولقد نطقت بالطلاق فور إخباري. وفي نفس اليوم كلمتني وقالت: أنا نادمة، وقالت أرجعني. فقلت لها: أنت زوجتي كما كنت، ورددتك إلى عصمتي، علما أنني في دولة غير دولتي.
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن لم تكن لك نية أصلا في طلاق زوجتك، وقمت بإيقاع الطلاق بناء على أمر كذبت عليك فيه، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة كما نص على ذلك بعض الفقهاء.

جاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ جوابا على سؤال مفاده أن السائل كان متزوجاً زوجة تكرهه، وأنها كان لها عم بينه وبين السائل عداوة، ونسب عنها كلاماً سيئاً، حدا بالسائل إلى تطليقها، ثم تبين له أن عمها هو الذي اختلق هذا الكلام، فيستفتي في ذلك؟

فكان جوابه: إذا كان لا قصد لك في الطلاق أصلاً، وجرى منك الطلاق بناء على ثبوت ما نسب إليها، ثم تبين أنها لم تقله، فهذه الحالة لا يثبت فيها الطلاق، وإن كنت طلقتها لما نسب عنها الكلام سواء ثبت عنها أو لم يثبت، فهذه الحالة يقع فيها الطلاق، وهذا معنى كلام ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" وهذا كله ما لم يكن صدر من قاض طرفكم فيها حكم، فإن كان صدر فيها حكم شرعي فالعمل عليه. والله الموفق. اهـ .

وننبه إلى أن من أهم مقومات الحياة الزوجية توفر الثقة بين الزوجين، وعلى كل منهما حمل أمر الآخر على السلامة، فلا يسيء الظن به من غير دليل أو برهان، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. وإذا كان هذا الأدب في حق عامة المؤمنين فإنه يتأكد في حق الزوجين؛ لما بينهما من رابط الزوجية العظيم، وهذا الميثاق الغليظ. فإن كانت زوجتك تشك فيك وليس لها بينة في ذلك، فقد أساءت من هذه الجهة، وإن كذبت عليك في ادعائها أنها على علاقة مع شخص آخر، فقد أساءت من هذه الجهة أيضا، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى. والواجب عليها مستقبلا الحذر من كل ما يمكن أن يؤدي إلى تهوين رباط الزوجية، وهي - أي الزوجية - ليست محلا للهزل والتهاون بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني