الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصة أبي يزيد البسطامي في حرصه على قيام الليل

السؤال

أثابكم الله: هناك رسالة منتشرة حول رجل اسمه أبو زياد البسطاني عن التهجد، وهي عبارة عن حوار مع ابنه. فهل هناك رجل بهذا الاسم ؟ وما صحة هذه القصة ؟ وقد وردت في القصة جملة أريد معرفة إن كانت جائزة أو لا ، حيث قال الرجل لابنه في نهاية القصة: ((قم يا بني فأنت أولى بالله من أبيك)) فهل هذه العبارة جائزة ؟ رفع الله قدركم.
وهذه هي القصة كاملة:
قام أبو زيد البسطاني ‏يتهجد الليل، فرأى طفله الصغير يقوم بجواره، فأشفق عليه لصغر سنه، ولبرد الليل و‏مشقة السهر. فقال له: ارقد يا بني فأمامك ليل طويل. فقال له الولد: ‏فما بالك أنت قد قمت؟
‏فقال: يا بني قد طلب مني أن أقوم له. قال ‏الغلام: لقد حفظت فيما أنزل الله في كتابه: "إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي ‏الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك"فمن هؤلاء الذين قاموا مع النبي صلى الله ‏عليه وسلم؟ فقال الأب: إنهم أصحابه. فقال الغلام: فلا تحرمني من ‏شرف صحبتك في طاعة الله. فقال أبوه وقد تملكته الدهشة: يا بني أنت طفل ولم تبلغ ‏الحلم بعد!!
فقال الغلام: يا أبت إني أرى أمي وهي توقد النار تبدأ ‏بصغار قطع الحطب لتشعل كبارها، فأخشى أن يبدأ الله بنا يوم القيامة قبل الرجال إن ‏أهملنا في طاعته، فانتفض أبوه من خشية الله.
وقال: قم يا بني فأنت أولى ‏بالله من أبيك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا نعلم أحدا بهذا الاسم الذي ذكرته " أبو زياد البسطاني " ولكن يوجد باسم " أبو يزيد البسطامي " وقد ذكرنا ترجمته في الفتوى رقم: 39718.

وعبارة " أنت أولى بالله " معناها أقرب إلى الله تعالى, وهي جائزة؛ وقد جاء في الحديث الصحيح: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ. رواه أبو داوود وغيره.

قال العلماء معناه: أَيْ أَقْرَب النَّاس مِنْ الْمُتَلَاقِيَيْنِ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ. اهــ.

والقصة التي ذكرتها لم نعثر عليها، ولكن ذُكر في بعض كتب الرقائق قصة شبيهة بها وقعت لأبي يزيد نفسه حين كان صغيرا يصلي مع أبيه.

جاء في كتاب علو الهمة لفضيلة الشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى: وحكى الشيخ ابن ظفر المكي، أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي -رحمه الله- لما تَحَفَّظَ: {يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً}. قال لأبيه: "يا أبت من الذي يقول الله تعالى له هذا؟ "، قال: "يا بني ذلك النبي"، قال: "يا أبت مالك لا تصنع كما صنع - صلى الله عليه وسلم -؟ "، قال: "يا بني! إن قيام الليل خُصص به - صلى الله عليه وسلم - وبافتراضه دون أمته"، فسكت عنه. فلما تحفظ قوله سبحانه: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك} قال: "يا أبت إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون الليل، فمن هذه الطائفة؟ "، قال: "يا بني! أولئك الصحابة رضي الله عنهم"، قال: "يا أبت: فأي خير في ترك ما عمله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟ "، قال: "صدقت يا بني". فكان أبوه بعد ذلك يقوم من الليل ويصلي، فاستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي، فقال: "يا أبت: علِّمني كيف أتطهر وأصلي معك"، فقال أبوه: "يا بني ارقد فإنك صغير بعدُ"، قال: يا أبت: إذا كان يومُ يصدر الناس أشتاتًا لِيُرَوْا أعمالهم أقول لربي: إني قلت لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى، وقال لي: "ارقد، فإنك صغير بعد"، أتحب هذا؟ ، فقال له أبوه: "لا والله يا بني ما أحب هذا"، وعَلَّمه فكان يصلي معه. اهــ .

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني