الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وابن وبنتين وكتب كل أملاكه لابنه قبل الوفاة

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 1
- للميت ورثة من النساء:
(أم )
(بنت) العدد 2
- إضافات أخرى:
المتوفى أعطى كل أملاكه لابنه على هيئة عقود بيع وشراء بدون مال قبل الوفاة, وبعد الوفاة لم يعطِ الابن أيًّا من البنتين أو الأم شيئًا, فما حكم ما فعله الابن؟ وماذا يجب على البنتين والأم أن يفعلن؟

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه, ومن والاه, أما بعد:

فإعطاء المتوفى ابنه كل الأملاك على النحو المذكور يعتبر هبة في حقيقته, وليس بيعًا, ولا يترتب عليه أحكام البيع, وهذا الإعطاء لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون الأب أعطاه أملاكه, وحازها الابن في حياة أبيه حين كان الأب في غير مرض مخوف, فهذه هبة تمت, وقد عصى الأبُ ربَّه تعالى حين أعطى الابن, ولم يعط البنتين؛ لأنه مطالب شرعًا بأن يعدل بين أولاده الذكور والإناث في العطية لحديث: اتَّقُوا اللَّهَ, وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ.

وإذا مات الأب قبل أن يرجع في هبته فإن الهبة ماضية في قول جمهور أهل العلم, وقال بعضهم: تبطل, ويجب على الولد المفضل أن يرد الهبة, قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته, كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضًا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 113934, والفتوى رقم: 107734.
الحالة الثانية: إذا كان الأب أعطاه ذلك في مرض مخوف, فإن هذه تعتبر وصية لوارث, وهي ممنوعة شرعًا, ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة, بمن فيهم البنتان, والزوجة, فإذا لم يرضوا وجب على الابن رد تلك الأملاك, وقسمتها بين كل الورثة القسمة الشرعية.

وإذا لم يفعل: فإن للورثة أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية؛ حتى تُلزِم الابن بما يلزمه شرعًا, فإن من الناس من لا ينفع فيه الوعظ بالقرآن, ولا يرده عن ظلمه إلا سوط السلطان, قال ابن كثير في البداية والنهاية: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين) [البقرة: 251] أي: لولا إقامة الملوك حكامًا على الناس؛ لأكل قوي الناس ضعيفهم, ولهذا جاء في بعض الآثار (السلطان ظل الله في أرضه) وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. اهــ .

وإذا كان المقصود هنا أم الميت وليست زوجته، ولم يترك من الورثة إلا أمه, وابنتيه, وابنه, فإن لأمه السدس فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لنساء: 11}, والباقي للابن والبنتين تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} فتقسم تركة الميت على أربعة وعشرين سهمًا, لأمه سدسها, أربعة أسهم, وللابن عشرة أسهم, ولكل بنت خمسة أسهم.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني