الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحرم بالعمرة وفاتته الطائرة فنزع إحرامه

السؤال

ما كفارة من أحرم من بيته وفاتته الطائرة ولم يجد أي وسيله تقله إلى مكة لإتمام العمرة، ولم يبلغ الميقات، فقام بحل إحرامه بعد العودة إلى المنزل؟ مع العلم أنه نسي قول الاشتراط: فإذا حبسنى حابس ـ بعد أن أحرم ونوى العمرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإحرام بالحج أو العمرة ينعقد بمجرد النية، وهي قصد البدء بالنسك، قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: ثم الراجح أن الإحرام هو النية فقط. انتهى.

وجاء في الشرح الكبير لابن قدامة الحنبلي: وينوي الإحرام بقلبه ولا ينعقد إلا بالنية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ـ ولأنها عبادة محضة فافتقرت إلى النية كالصلاة، فإن لبى من غير نية لم يصر محرماً، لما ذكرنا، وإن اقتصر على النية كفاه ذلك، وهو قول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا ينعقد بمجرد النية حتى يضاف إليها التلبية أو سوق الهدي. انتهى.

وإذا كان هذا الشخص قد نوى الإحرام بالعمرة, فقد انعقدت, وهو الآن باق على إحرامه, ويجب عليه إكمال عمرته، لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {البقرة:196}.

والواجب عليه الآن التوجه فورا إلى مكة لإكمال عمرته، فإذا عجز عن الوصول إلى مكة فإنه حينئذ ينطبق عليه حكم المحصر، فله التحلل من عمرته بالحلق أو التقصير، ويكفيه ذبح شاة أو بدنة، وتوزع على الفقراء في بلد إقامته، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 116129، ورقم: 135351.

وبخصوص ما أقدم عليه هذا الشخص من محظورات الإحرام قبل التحلل من العمرة: فما كان منه من قبيل الإتلاف ـ كقص الشعر وتقليم الأظافر ـ ففي كل جنس منه فدية واحدة، والفدية هي: شاة تذبح بمكة وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام، على ستة مساكين ـ وما كان من قبيل الترفه كلبس المخيط واستعمال الطيب: فلا شيء فيه إذا كان جاهلا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14023.

وإن حصل منه جماع جهلا فلا تفسد عمرته عند كثير من أهل العلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 15047.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني