الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدواء النافع لداء الوسوسة

السؤال

أخاف أنني ـ والعياذ بالله ـ قد دخلت في الشرك ولا أستطيع الأكل أو النوم أو التركيز في حياتي اليومية، عندما كنت صغيرة 14 أو 15 سنة كنت ألعب لعبة إلكترونيه وفي هذه اللعبة إذا حصلت على سلاح أو شيء مميز كانوا يطلقون عليه ـ godly ـ أستغفر الله وكنت جاهلة وقلت هذا لا علاقة له بالدين واستخدمت الكلمة لأنهم يقصدون بأن السلاح قوي جدا، وبعدها سمعتني أختي فقالت لي: أليس هذا من الحرام؟ فقلت، ولكنني لا أؤمن بهذا، فإنها مجرد كلمة، ثم فكرت وقلت ربما يكون حراما فقلت لمن معي من المسلمين أعتقد أنه حرام فغيرنا الاسم إلى like ـGod like g والعياذ بالله، ولا أعلم كيف كان اعتقادي، وبعد فتره قلنا ربما حرام فغيرناه إلى اسم ـ goodlyـ وعندي مرض الخوف anxiety وأعتقد أن عندي الوسواس، فهل خرجت من الملة؟ علما بأنني لم أعبد غير الله ولم أسجد لغير لله في حياتي فهل يا شيخ علي من ذنب؟ وهل علي من عقوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك السوء ويهديك لأرشد أمرك، واعلمي أنك ـ والحمد لله ـ لم تدخلي في الشرك، وإنما بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما وأضر بك ضررا بالغا، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها وألا يلتفت إلى شيء منها، وانظري الفتويين رقم: 51601 ورقم: 134196.

وما سألت عنه إنما هي هواجس من الشيطان لا حقيقة لها، ولا اعتبار بها، فأنت على الإسلام، وليس عليك شيء من عقوبة أو غيرها، ولا يلزمك شيء البتة إلا الإعراض والبعد عما أنت فيه، واستمعي لهاتين النصيحتين النافعتين:
الأولى: قول النووي ـ رحمه الله ـ في الأذكار: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه، وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري: شكوت إلى أبي سليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك فأي وقت أحسست به فافرح، فإنك إذا فرحت به انقطع عنك، لأنه ليس شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك، قلت: وهذا مما يؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خربا. انتهى.
والثانية: قول ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن داء الوسوسة، هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها... فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته، فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها : 147101، 70476، 58741.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني