السؤال
كيف أوفق بين حديث: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست، أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به، أو تكلم. وبين ما يعتري الإنسان من عجب بعمل عمله، أو أن يستعلي بطاعته في لحظة على شخص عاص دون أن ينطق بهذا؟ وهل يجب الاستغفار من هذا العجب أو ما شابه خاصة أن أعمال القلوب السيئة دائما لا نتحدث بها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل القلب يُؤاخذ به اتفاقاً، والمقصود من الحديث ما خطر في القلب من غير عزم.
قال القسطلاني في شرح البخاري: محمول على ما إذا لم يستقر؛ لأنه يمكن الانفكاك عنه، بخلاف ما يستقر.
وقال ابن تيمية -رحمه الله- في الزهد والورع: فَإِن المُرَاد إن كَانَ مَقْدُورًا مَعَ الإرادة الجازمة، وَجب وجوده. وإن كَانَ مُمْتَنعا، فَلَا بُد مَعَ الإرادة الجازمة من فعل بعض مقدماته. وَحَيْثُ لم يُوجد فعل أصلا، فَهُوَ هم، وَحَدِيث النَّفس لَيْسَ إرادة جازمة؛ وَلِهَذَا لم يَجِئ فِي النُّصُوص الْعَفو عَن مُسَمّى الإرادة وَالْحب، والبغض، والحسد، وَالْكبر، وَالْعجب وَغير ذَلِك من أَعمال الْقُلُوب إذ كَانَت هَذِه الْأَعْمَال حَيْثُ وَقع عَلَيْهِم ذمّ وعقاب، فَلِأَنَّهَا تمت حَتَّى صَارَت قولا وفعلا، وَحِينَئِذٍ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إن الله تجَاوز لأمتي. الحَدِيث. حق. والمؤاخذة بالإرادات المستلزمة لأعمال الْجَوَارِح، حق....انتهى.
وقد حكى السيوطي في شرح سنن ابن ماجه الْإِجْمَاع على المواخذة بأفعال الْقُلُوب؛ كالحسد وَالْعجب.
والله أعلم.