السؤال
هل الاحتفال بأعياد عيد الميلاد أو الكريسماس مع النصارى، أو الاحتفال بعيد هالوين، أو الأعياد الأخرى المخالفة للشرع يخرج من الدين الإسلامي، ويصبح المسلم بالاحتفال بها كافرا أم إنه لا يكفر بل يحتاج إلى الاستغفار وحده؟
سألتكم قبل هذا وأحلتموني إلى أسئلة أخرى، ولم أجد ضالتي.
أرجو أن تخبروني بالجواب. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حرمة الاحتفال بأعياد الكفار كالكريسماس، والهالوين؛ وراجع في ذلك الفتويين: 4586، 26883.
فمن فعل ذلك أثِم، ولكنه لا يكفر بمجرد ذلك، إلا إن عَرَف ما في هذه الأعياد من المعاني الكفرية ورضي بها، أو فعل ذلك على سبيل التعظيم لأيام الكفر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67] كالقبلة، والصلاة، والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر. والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية. اهـ.
وجاء في (مرقاة المفاتيح) للقاري: قال أبو حفص الكبير الحنفي: من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك، تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى، وأحبط أعماله. وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي: من اشترى فيه شيئا لم يكن يشتريه في غيره، أو أهدى فيه هدية إلى غيره، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة فقد كفر، وإن أراد بالشراء التنعم والتنزه، وبالإهداء التحاب جريا على العادة، لم يكن كفرا لكنه مكروه كراهة التشبه بالكفرة، حينئذ فيحترز عنه. اهـ.
وهذا يبين وجه المعصية من وجه بالكفر، فالأول يكون بالاحتفال على سبيل التنعم والتشهي، والجري على العادة. والثاني يكون على سبيل تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة ! وعلى هذا يحمل ما قاله بعض أهل العلم كابن قاسم في حاشيته على الروض، حيث قال: لا نزاع بين العلماء في كفر من يفعل هذه الأمور؛ لما فيها من تعظيم شعائر الكفر. اهـ.
والله أعلم.