السؤال
حولي زملاء في العمل، وبعضهم يتعامل بالرشوة، ولا أعرف كيف أتعامل معهم، أو أعيش معهم، مع العلم أنهم رفاق عمل، فهل أقوم بمقاطعتهم، وعدم التكلم، وعدم مشاركتهم في مجالسهم خارج أوقات العمل، ولا أشاركهم في مشربهم وملبسهم، أم أصبر حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك إنكار هذا المنكر على زملائك، ومناصحتهم، فالرشوة من كبائر الذنوب والآثام، وصاحبها مستحق للعن، فقد لعن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في الرشوة ثلاثة: الراشي، والمرتشي، والرائش بينهما. كما في الترمذي، وغيره.
والغرض الشرعي في إنكار المنكر هو تغييره، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره. رواه مسلم، فالوسائل ـ من الأقوال، والأفعال، والتروك، والسلوكيات ـ التي تحقق هذا الغرض مشروعة، ولكن لا بد من الحكمة في الإنكار عليهم، ومراعاة ضوابط إنكار المنكر الشرعية، وقد بيناها لك مفصلة في الفتاوى التالية: 184933، 146409، 130218، 76522، 131498.
ومن ذلك: الجمع بين الترغيب بالرزق الحلال تارة، والترهيب من الرزق الحرام أخرى.
ومنها: التدرج في الأساليب، فإذا حصل التغيير بالكلمة، فلا تنتقل إلى الهجر، وإذا حصر التغيير بالهجر في العمل، فلا تهجر خارج العمل، فقد يتعين الهجر وسيلة للإنكار، كما بيناه في الفتوى: 16505، وقد ذكرنا لك طائفة من الوسائل التي يمكنك أن تستعين بها على الإنكار عليهم فانظرها للأهمية في الفتوى: 36372.
ومما يعينك على إنكار هذا المنكر: معرفة وجه الحرمة وأدلتها، فننصحك بالرجوع إلى الفتاوى التالية: 3697، 1713، 49889
وكذلك معرفة طرق مكافحة المرتشين، كما بيناها في الفتوى: 95843.
ومن ذلك: الدعاء الخالص لهم بالتوبة، والهداية، فإن قلوب العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.
وأخيرًا: إذا خشيت بمخالطتهم أن يزينوا الحرام في عينك، ويصغروا الكبيرة في نفسك، ويضعفوا وازع الله في قلبك، فمفارقتهم ـ مع الإنكار عليهم ـ مطلوبة، فإن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبوداود، وحسنه الألباني.
والله أعلم.