الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدب محاورة الوالدين وتبيان الحق لهما

السؤال

هل يجب على الابن توضيح الحق أمام والديه إذا كان هناك خلاف في مسألة دينية، أم إن الأفضل له أن يسكت ويدع الوالدين على آرائهما واعتقاداتهما، ويحاول أن يسايرهما من دون موافقتهما على باطل طبعاً، لا سيما أن النقاشات قد تكون في أمور حساسة مثل موضوع الجهاد، والوالدان لخوفهما على ابنهما - ولا يبرر ذلك لهما بطر الحق أعني رفض الحق حتى لو من ابنهما - أو في بعض الحالات- ومع الأسف الشديد- لأن الوالدين لديهما تعلق وحب كبير للدنيا رغم كبر سنهما أحياناً (وهذا ليس من باب الانتقاص من قدر بعض الآباء والأمهات، ولكنها حقيقة لا يمكن إنكارها، وتتضح أكثر في البيئات التي تقل فيها التربية الدينية، فيكون مثلا التعليم أهم من الدين، ولا بأس بأن يكون الابن طبيباً أو مهندساً وهو لا يصلي، ورأيت بنفسي ذلك كثيراً جداً)
ماذا لو كان هناك أناس آخرون في المجلس نفسه يستمعون للنقاش، مما يستوجب توضيح الحق وعدم المداراة، وبالتأكيد أن التوضيح يكون بالحسنى، وبلطف ولين واحترام مع الوالدين على وجه أخص؟
وجزاكم الله تعالى خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي الجملة، فإن بيان الحق واجب سواء للوالدين أم لغيرهما؛ وراجع في هذا الفتوى رقم: 213397 وينبغي أن يكون البيان بالحسنى - ولا سيما في حق الوالدين، ولا حرج في الحوار معهما، ما دام ذلك في حدود الأدب والاحترام، وقد قص لنا القرآن الكريم في سورة مريم حوار إبراهيم عليه السلام مع أبيه، والأسلوب الحسن الذي كان يخاطبه به في قوله تعالى: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا......... الآيات {مريم 42- 45}. وقد بينا بالفتوى رقم: 13288 بعض آداب النصيحة فراجعها.

وإذا أدى الحوار إلى نوع من الجدال، أو خشي الابن أن يترتب عليه مفسدة، فالأولى به تركه؛ روى أبو داود عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.
والحديث رواه أيضا الترمذي وابن ماجه عن أنس -رضي الله عنه- ورواه النسائي عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه. وبيان الحق للآخرين ممن هم في المجلس يمكن أن يتم في مكان آخر غير هذا المجلس.

ولا يجوز للولد الجهاد بغير إذن والديه، إلا إذا كان الجهاد متعينا، وقد بينا الحالات التي يكون الجهاد فيها فرض عين في الفتوى رقم: 190081.

وننبه بهذه المناسبة إلى أنه ليس كل ما يقال عنه إنه جهاد، يعتبر جهادا شرعيا، بل إن الجهاد الشرعي الذي هو ذروة سنام الإسلام له أحكام، وشروط، وضوابط لا بد من استيفائها، وقد بينا جملة منها في الفتاوى التالية أرقامها: 7730 - 196399 - 199777.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني