الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفضيل جنس الرجال على جنس النساء لا يعني عدم تساويهم في العقوبات والحدود

السؤال

ورد في الرد على بعض الفتاوى فى الشبكة الإسلامية أن تفضيل الرجل على المرأة في كون الرجل أقوى عقلًا، وأبعد نظرًا، وأحسن تدبيرًا، فإن كان هذا صحيحًا - كما ورد -فكيف يحاسبهم الله نفس الحساب عندما يخطىء؟ أليس الرجل أقوى عقلًا، وأبعد نظرًا، وأحسن تدبيرًا!؟ فيجب أن يكون عقابه أشد، ولكن كل الآيات والأحاديث التي ورد فيها العذاب، أو العقاب، كان فيها الرجل مثل المرأة: مثل قوله تعالى: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ"

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا المعنى إنما ذكرناه في تعليل قوامة الرجل على المرأة، وليس في تفضيل الرجل على المرأة مطلقًا! ولا يخفى أن القوامة إنما هي في أمر الدنيا، وأحوال المعاش، ومع ذلك فقد نبهنا على أن المراد في آية القوامة تفضيل جنس الرجال على جنس النساء، وليس المراد منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، وإلا فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم، والدين، والعمل، والرأي، وغير ذلك، وراجعي الفتويين: 6925، 34461.

ثم لا يخفى أن الرجال يتفاضلون في ما بينهم في العقل، والعلم، والنظر، والتدبير، وغير ذلك من الأمور، وكذلك النساء يتفاضلن بينهن، ومع ذلك فلم تفرق النصوص الشرعية بينهم في العقوبات، والحدود في الدنيا، فحد الزنا الذي ذكرت السائلة دليله من القرآن لا يفرق بين الناس في عقوبة الدنيا، بناء على مثل هذه الأمور.

وأما في الإثم والمؤاخذة في الآخرة: فلا تستنكر المفاوتة بين الناس فيها، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر. رواه مسلم. قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: هؤلاء الثلاثة أبعد الناس مما تعاطوه، فإن شبق الشباب يغلب أصحابه، فيقصدون قضاء الوطر، لا المخالفة، والشيخ إنما يزني على تكلف، فالمعصية في حقه أقوى من الالتذاذ. اهـ.

وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: "شيخ" يعني رجلًا كبيرًا مسنًا، "زانٍ" يعني أنه زنى، فهذا لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر اليه، ولا يزكيه، وله عذاب اليم؛ وذلك لأن الشيخ إذا زنى، فليس هناك شهوة تجبره على أن يفعل هذا الفعل، فالشاب قد يكون عنده شهوة، ويعجز أن يملك نفسه، لكن الشيخ قد بردت شهوته، وزالت، أو نقصت كثيرًا، فكونه يزني هذا يدل على أنه - والعياذ بالله - سيءٌ للغاية؛ لأنه فعل الفاحشة من غير سبب قوي يدفعه إليها، والزنى كله فاحشة، سواء من الشاب، أو من الشيخ، لكنه من الشيخ أشد، وأعظم - والعياذ بالله -. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني