الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في كره تصرفات الأم السيئة مع الحذر من إيذائها

السؤال

كيف يكون البر بأم عاقة، لا تعرف الرحمة، ولا تخاف الله رب العالمين، مع أنها تصلي وتصوم، ولكن صلاتها لا تنهاها عن المعاصي؟ كيف يكون البر بأم لم تربي أولادها تربية صالحة، بل على العكس؟ كيف يكون البر بأم تدعو على أبنائها ليل نهار، وعلى أولادهم بالغضب، والتعاسة، والشقاء، بلا سبب؟ كيف يكون البر بأم تمشي بالغيبة، والنميمة، وحديثها كله كذب ونفاق؟ كيف يكون البر بأم تسرق من أبنائها، وحاولت من قبل قتل جدتهم؟ كيف يكون البر بأم لا يذكر أولادها حسنة واحدة عنها، بل ما يذكرونه منها هو التعاسة، والعذاب فقط لا غير،
واضطرتني الظروف إلى أن أعيش معها؛ لأن زوجي متوفى، وتركت بيتي بسبب الحرب في سوريا، وأنا أعيش معها؛ لأنه لا قدرة لي على العيش في بيت، وتحمل نفقته؛ ولهذا أنا مضطرة أن أعيش معها، لكني أكرهها بشدة، ولا أستطيع النظر في عينيها، ولا أستطيع حتى أن أجبر نفسي على أن أبتسم في وجهها، وهذا الأمر يسبب لي العذاب، ليس من أجلها، بل خوفًا من الله تعالى، فأخاف أن أكون محاسبة على فعلي هذا، فلو أني حاولت أن لا أرفع صوتي عليها، وأن أتجنبها، وأتجنب الجدال معها، فهل ذلك يكفي لأن أتجنب وقوع دعائها عليّ، وعلى بناتي، دون أن أبتسم في وجهها؟ أريد فقط أن أرتاح من هذا الأمر، فهي تدعو عليّ، وعلى بناتي كل يوم ليلًا ونهارًا، وأنا أخاف الله رب العالمين، وأريد أن أطمئن أن دعاءها غير واقع، فهذا هو ما يسبب لي التعب والأرق - جزاكم الله كل خير -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه الأم على ما ذكر بالسؤال: فإنها آتية بموبقات عظيمة، ومع ذلك فالأم حقها عظيم، ومكانتها سامية، وبرها واجب على أولادها، مهما بلغت من السوء، ويكفي في الدلالة على ذلك أن الله تعالى أمر الأولاد ببر والديهم، ولو كانا كافرين، جاهدين في حملهم على الكفر، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}، وانظري الفتوى رقم: 135885.

ومن البر والإحسان: السعي في إصلاحها، أولًا بدعاء الله، والتضرع إليه أن يلهمها رشدها، وأن يقيها شر نفسها، وسيء عملها، ومناصحتها بالمعروف، وبالحكمة والموعظة الحسنة، شفقة عليها، ورجاء صلاحها، فإن تصلح فهو خير لكم ولها، وإن استمرت في غيها فقد أعذرتم.

وما دمت مضطرة للسكن معها فما عليك إلا الصبر، فعاقبة الصبر خير، وراجعي فضائله في الفتوى رقم: 18103، ولا حرج عليك في كره تصرفاتها المنكرة والسيئة، ولكن يجب عليك الحذر من أن يصدر منك أي أذى تجاهها، ولو بالعبوس في وجهها، فذلك من العقوق، وقد بينا خطورته في الفتوى رقم: 39230، والفتوى رقم: 11649.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين عن الدعاء على الأولاد حيث قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. وراجعي الفتوى رقم: 21067. وهي بعنوان: الدعاء على الآخرين بين القبول والرفض.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني