الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صرف الزكاة في توصيل المياه للبيوت وإصلاحها وصيانتها

السؤال

كنت أجمع الصدقات والزكاة لمشروع في إحدى القرى عبارة عن توصيل المياه وبناء الأسقف والحمامات للبيوت التي تنقصها تلك الأشياء، وبعدها علمت أنه لا يجوز أن تخرج الزكاة في تلك الصورة، بل تكون للفقير يتملكها ويتصرف فيها كيفما يشاء. والآن لا أستطيع أن أرجع لمن تبرعوا بزكاتهم لأخ موافقتهم على تغيير وجهتها، فهل يجوز صرفها في مصارف الزكاة الشرعية من تسديد الديون والمساعدات الشهرية بالأموال للمحتاجين ولا يكون علي ذنب تغيير وجهتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالأمر كما ذكرت من أن الزكاة لا تصرف في توصيل المياه ونحوها، وإنما تدفع لمصارفها المبينة في الفتوى رقم: 27006.

وأما هل يجوز لك صرف ما جمعته في مصارف الزكاة... إلخ؟ إن كنت تعني أن أصحاب الزكاة وكلوك في صرف زكاتهم في توصيل المياه وبناء الحمامات ونحوها، فالواجب عليك مراجعتهم إن أمكن وإخبارهم أن تلك الجهة ليست من مصارف الزكاة, قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فيمن وكله شخص في دفع زكاته لمن ليس من أهل الزكاة: أعطاني الموكل مائة ريال وقال: خذ هذه زكاة أعطها فلاناً، وبعد أن فارقني عرفت أن فلاناً لا يستحق، فهنا أوقف العطاء حتى أراجعه وأقول: إن فلاناً لا يستحق، فإذا قال: أعطه ولو كان لا يستحق، أقول: لا، لا أعينك على الإثم, فإن قال: أعطها إياه تطوعاً، فهنا يصح ويعطيها إياه. اهـ.

وإن تعذر عليك مراجعتهم فإنه يجب عليك أن تصرفها في مصارف الزكاة الشرعية إن علمت أن ما دفعوه لك زكاة وليس صدقة تطوع, لأن الزكاة لا تصرف في الوجه الذي أرادوه ولا تبرأ ذمتهم بذلك, وهم ما أمروك بذلك الوجه إلا ظنا منهم أنه من مصارف الزكاة وليس لأن لهم غرضا فيه, فإذا تبين أنه ليس من مصارف الزكاة لم يجز لك دفع زكاتهم فيه, وقد نص الفقهاء على جواز مخالفة الوكيل تخصيص موكله إذا ظهر أنه لا غرض له فيه, قال السبكي في فتاواه: وَالْوَكِيلُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَتَبُّعُ تَخْصِيصَاتِ الْمُوَكِّلِ, وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: فَرِّقْ هَذَا الْمَالَ أَيْ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: فَرِّقْهُ فِيهَا، لَيْسَ لَهُ تَفْرِقَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَقْطَعَ بِأَنْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ. اهـ.

وقولك عن صرف الزكاة: المساعدات الشهرية بالأموال للمحتاجين ـ اعلم أن الواجب دفع الزكاة إلى مستحقيها ولا يجوز لك أن تبقيها عندك وتخرجها على أقساط إلا بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 56195.

وإننا ننصحك بأن لا تتوكل في موضوع تفريق الزكاة إلا أن يكون عندك من العلم الشرعي ما يؤهلك للقيام بهذه المهمة العظيمة حتى لا تتخبط في أموال الناس وتضعها في غير مواضعها، ثم تبحث بعد ذلك عمن يجد لك مخرجا مما أوقعت نفسك فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني