السؤال
لي صديق على صفحات التواصل الاجتماعي يكتب عبارات كالتالية :
( اللهم عظم خلقي حتى تسعني وحدي نارك، وحتى أحمل على ظهري السميك كل معاصي عبادك، اللهم اغفر لهم إنهم لا يعرفونك رغم أنهم قرؤوا عنك ولك).
( أسال الله أن يصدر بيانا يتبرأ فيه من داعش والنصرة وجبهة أحرار الشام وكل الفصائل والألوية التي تقتل باسمه ) ، ( عيون الأطفال واسعة لأن الله يجلس فيها أحيانا ويطل منها علينا وعليه ) .
وكتابات كثيرة على هذه الشاكلة ، فهل تخرج مثل هذه الكتابات صاحبها من الملة ، وما هو واجبي كمسلم تجاه ذلك ؟
وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام المنكر، يظهر منه الاستخفاف بمقام الألوهية، والاستهزاء بحق الربوبية ـ والعياذ بالله ـ فلا يجوز التلفظ به ولو كان صاحبه مازحا، فقد قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (التوبة:66). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ. رواه مالك وأحمد والترمذي وابن ماجه. وصححه الألباني. وراجع الفتويين: 129105، 127333.
والواجب مع قائل هذه العبارات أن ينصح بالكف عن هذا المنكر، وأن يتوب إلى الله توبة نصوحا، فإن قبل النصح فالحمد لله، وإن أصر ولم تُرجَ منه توبة، فلا يصلح أن يُتَّخذ صديقا، لا على صفحات التواصل الاجتماعي، ولا على غيرها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.
وقال الشيخ السعدي: من زعم أنه على الحق، وأنه صاحب دين وتقوى، وقد اتخذ دينَه لعبا ولهوا. بأن لَهَا قلبُه عن محبة الله ومعرفته، وأقبل على كل ما يضره، ولَهَا في باطله، ولعب فيه ببدنه، لأن العمل والسعي إذا كان لغير الله، فهو لعب، فهذا أَمَر الله تعالى أن يترك ويحذر، ولا يغتر به، وتنظر حاله، ويحذر من أفعاله، ولا يغتر بتعويقه عما يقرب إلى الله. اهـ.
يعني الشيخ بذلك قول الله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ .. } [الأنعام: 70] قال الحافظ ابن كثير: أي: دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلا فإنهم صائرون إلى عذاب عظيم؛ ولهذا قال: {وذكر به} أي: وذكر الناس بهذا القرآن، وحذرهم نقمة الله وعذابه الأليم يوم القيامة. اهـ.
وقال ابن الجوزي في (زاد المسير): في اتخاذهم دينهم لعباً ولهواً ثلاثة أقوال: ـ أحدها: أنه استهزاؤهم بآيات الله إذا سمعوها. ـ والثاني: أنهم دانوا بما اشتَهوا، كما يلهون بما يشتهون. ـ والثالث: أنهم يحافظون على دينهم إذا اشتَهوا، كما يلهون إذا اشتَهوا. اهـ.
والله أعلم.