السؤال
أنا مصاب بالوسواس القهري منذ أكثر من عشر سنوات، الآن عندي عندي وسواس الكفر، وقد أتعبي كثيرا، فادعوا الله لي بالعافية، وعندي أسئلة أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة في أفكار وأفعال منذ سنين، ولكن إلى الآن تهجم علي:
أولا: كثيرا ما أجد أوراقا وصحفا ملقاة في الطريق، كنت آخذ بعضها، ومرات أنظر إليها تحوي البسملة، وأراها متسخة، وفي أماكن كثيرة.
فمرات أمر عليها ولا أرفعها، ومرة رأيت صحيفة في طريق تحت التشييد أذكر مكانها بالضبط وتركتها، وبعد مدة شيد الطريق وكما تعلمون السيارات تمشي الآن عليه. فما حكم الدين في تركي هل يلزمني أن أكلم المسئولين عن ما حدث.
ومرات تأتيني وساوس في السيراميك والأشكال التي عليه والخطوط، فأحسبها كان عليها اسم محمد صلى الله عليه وسلم واسم الجلالة في الحمام وكل البيت، فأظن أني أطلع عليها، ومرات أتجاهل ذلك، ومرة ذهبت إلى أناس أعرفهم، ودخلت الحمام ولا أذكر هل اسم الجلالة على أرضية الحمام مكتوب أم من التشققات على الأرض، لا أذكر فقد طالت المدة، وكما تعلمون النجاسات التي على الأرض، فكما أذكر ذلك أتجاهل فهل يجب علي أن أتأكد، فهم في مكان بعيد ولا أستطيع فعل ذلك للحرج ربما لا أجد شيئا.
وأذكر أنه قام شخص أعرفه بتنظيف زجاج سيارته بجريدة، وكما تعلمون في الغالب تحتوي على اسم الجلالة وأسماء الأنبياء مكتوبة بالعربي نظف بها وألقاها علي الارض، فنظرت إليها وركبنا من سنين.
ومرة أعطاني دجال ورقة بها آيات وقال لي أذبها في الماء، وقطعها بيدك إلى أن يذوب الحبر والورق، واغسل بها رأسك ففعلت وأزلت الماء مرة مرة في بالوعة، ومرة على الأرض، ويأتيني الوسواس ربما لم أقطعها جيدا، فيكون بذلك تحوي حروف الآيات.
ومرة تعالجت بالبخرة، وأزلت الورق المحترق في البانيو، ومرة في المرحاض، ومرة على دورة المياه يأتيني الوسواس أنه ربما المحترق قد يكون بعد الاحتراق حروفه ظاهرة.
وما حكم من ارتد وأسلم وحسن إسلامه وتاب؟ فهل التوبة صحيحة؟ وما معنى الإيقاف عن الذنوب في الحال؟ فهل بعد ما فعل كل ذلك لا يجب عليه شيء فقط التوبة دون أن يفعل شيئا مما اقترفه. الرجاء إفادتي بأسرع وقت.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالاعراض الكلي عن التفكير والاسترسال مع الشيطان فيما سبق ، واصرف عن ذهنك ما تشك فيه في السيراميك والأوراق وغيرها، فإن الردة لا تقع إلا بأمر محقق ، وقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول إسلامه بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وعلى هذا، فاحرص على تعلم العلم الشرعي، وادرس العقيدة الصحيحة، وابحث عن صحبة صالحة تتعاون معهم على الخير، وأكثر من الطاعات ومن ذكر الله تعالى ومن الاستغفار كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يستغفر الله في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، وأكثر من الدعاء الذي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده؛ للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. وصححه الألباني.
واعلم أن التوبة المجملة تكفي في الذنوب الماضية التي لا يمكن تداركها إذا كانت متعلقة بحق الله تعالى، فتب إلى الله تعالى توبة صادقة، وثق أن التوبة من جميع الذنوب على سبيل الإجمال كافية كما قال محمد مولود في مطهرة القلوب .
وقال ابن القيم في مدارج السالكين: ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم, فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه. اهـ.
وأما عن توبة المرتد فقد نص أهل العلم على أن توبته تكون بإسلامه، فإذا نطق بالشهادتين فقد دخل في الإسلام، إلا أن تكون ردته بسبب جحد فرض ونحوه فإن توبته حينئذ تكون بالنطق بالشهادتين مع إقراره بالمجحود به، قال في زاد المستقنع: وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه، بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن كفر بجحد فرض ونحوه فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، أو قول: أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام. انتهى.
وأما الإقلاع عن الذنب فهو من شروط التوبة، والمراد به التوقف عن الفعل المحرم.
وأخيرا نوصيك بطرح الوساوس عنك، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلا، فإن الوسوسة مرض شديد وداء عضال، والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 132817، 122556، 119321.
والله أعلم.