السؤال
شيخ كبير يبلغ من العمر 90 سنة يغلبه الريح أثناء الوضوء، أو بعده قبل الصلاة، ولا يقدر على تكرار الوضوء، فهل يجوز له التيمم مع وجود الماء؟ كما أنه يقول: إنه لا يستطيع الاغتسال من الجنابة، فهل يمسح جسده بخرقة مبلولة أم يتيمم؟
شيخ كبير يبلغ من العمر 90 سنة يغلبه الريح أثناء الوضوء، أو بعده قبل الصلاة، ولا يقدر على تكرار الوضوء، فهل يجوز له التيمم مع وجود الماء؟ كما أنه يقول: إنه لا يستطيع الاغتسال من الجنابة، فهل يمسح جسده بخرقة مبلولة أم يتيمم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجب استعمال الماء للوضوء والغسل من الجنابة، ولا يجوز له العدول عنه إلى التيمم، إلا عند وجود عذر شرعي, فإن أمكن هذا الشيخ أن يتوضأ، ويغتسل بنفسه من غير مشقة غير محتملة، أو يوضئه غيره من زوجته وأولاده, أو تغسله زوجته لم يجز له العدول عن استعمال الماء إلى التيمم, وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: ما حكم تيمم الشيخ الكبير في السن، مع القدرة على أن يحضر الماء إليه بواسطة الأبناء أو الزوجة؟
فأجاب ـ رحمه الله تعالى ـ بقوله: صلاة الإنسان بالتيمم مع قدرته على الماء باطلة؛ لأن الله تبارك وتعالى لما ذكر الطهارة بالماء، قال: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ـ يعني عند تعذر الماء، أو تعذر استعماله، فإذا صلى بلا وضوء ولا تيمم بطلت صلاته، ولكن إذا كان يشق عليه إحضار الماء، فإنه يحل له أن يجمع بين صلاة الظهر والعصر في وضوءٍ واحد، وبين صلاة المغرب والعشاء في وضوءٍ واحد، فيتوضأ وضوءًا واحداً للظهر والعصر، ووضوءًا واحداً للمغرب والعشاء، ووضوءًا ثالثاً للفجر، وأما أن يتيمم وهو قادرٌ على استعمال الماء ثم يصلي، فصلاته باطلة. اهــ.
وإذا أمكنه الوضوء ـ بنفسه، أو بمساعدة غيره ـ لكن يشق عليه تكراره لكل صلاة مشقة غير محتملة، فإنه يتوضأ ويجمع بين الظهر والعصر, ويجمع بين المغرب والعشاء دفعًا المشقة, وقد نص الفقهاء على أن من شق عليه الوضوء لكل صلاة فإن له أن يجمع بين الصلاتين، كالمستحاضة، ومن يشق عليه طلب الماء لكل صلاة، ونحوهم, قال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: ولهذا، يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين، وبين العشائين لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة، ويجوز الجمع أيضًا للإِنسان إذا كان في سفر، وكان الماء بعيدًا عنه، ويشق عليه أن يذهب إلى الماء ليتوضأ لكل صلاة، حتى وإن قلنا بعدم جواز الجمع في السفر للنازل، وذلك لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة. اهـ.
وسئل ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل مقعد يشق عليه الوضوء، وهو رجل تستعمل له الحفائظ، فهل يتيمم؟ فأجاب بقوله: إذا كان هذا الرجل يشق عليه تكرار الوضوء، فهنا طريقة: إذا أمكن أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم، فيتوضأ في وقت العصر للظهر والعصر، ويكفيه ذلك للمغرب والعشاء، يقدم العشاء من حين يدخل وقت المغرب، يكفيه وضوؤه واحدًا لأربع صلوات؛ لأن المريض يجوز له الجمع، بالنسبة للفجر يكون وضوؤه واحدًا، فإذا لم يتمكن، وشق عليه ذلك فله أن يتيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين ـ والحمد لله ـ يسرًا... اهـ.
فإن شق عليه ذلك أيضًا مشقة غير محتملة لصعوبة الحركة، أو لم يجد من يناوله الماء، فإنه يعدل إلى التيمم للعذر, سئلت اللجنة الدائمة عن امرأة كبيرة في السن في عشر التسعين، ويشق عليها الوضوء والغسل؛ لأنها مقعدة، لا سيما وقت البرد، وبعد مكان الوضوء عنها، فهل لها رخصة في التيمم لكل صلاة، أو الجمع بين الأوقات بالوضوء الواحد؟
فأجابت بقولها: إذا كان الأمر كما ذكر، فإن المرأة المذكورة تتوضأ بقدر الاستطاعة، ولو بتقريب الماء إليها في محلها، فإن لم تستطع ذلك بنفسها، ولا بغيرها جاز لها التيمم؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ... ولها الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وكذا بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما؛ لأنها في حكم المريض. اهـ.
ولا يمسح جسده بخرقة مبلولة لرفع الجنابة، وإنما يتيمم, والمسح ليس غسلًا, وانظر الفتوى رقم: 102429.
ونسأل الله تعالى أن يختم لنا وله بالإيمان والعمل الصالح.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني