السؤال
أنا مغترب في السعودية، ويحين وقت إخراج زكاتي في شهر رجب على أغلب الظن، ولكن لا أدري في أي يوم، وقمت بإخراجها -الحمد لله- العام الماضي في رجب، ولكن لا أتذكر في أي يوم أيضًا، حيث إنه كان في اعتقادي أنه من الممكن أن أخرجها في أي يوم من الشهر، ولكن بعد قراءتي للفتاوى السابقة على موقعكم -أسأل الله أن يجزيكم عنا خيرًا- تبين لي أنه من المهم إخراجها في يوم معين، والآن أسأل: هل إخراجها في الأول من رجب، ظنًّا مني أن هذا هو الأفضل، أي أن التعجيل أفضل من التأخير، صحيح، أم إن هناك سعة في الأمر إذا كان إخراجها قد تقدم ببعض الأيام من نفس الشهر؟ وهل يجب عليّ إخراجها في السعودية أم في بلدي؟ وعلمت أيضًا أنه لا يجوز تأخيرها إلا لعذر، فهل من العذر أن أؤخرها لحين ذهابي في الإجازة السنوية، فأخرجها بنفسي بدلًا من تحويلها لأحد أقاربي الموثوق فيهم، والذي يعطيها بدوره لإحدى الجمعيات التي تقوم بإخراجها عني؛ وذلك تفاديًا للرياء، وما شابه ذلك؟ وهل يعد هذا عذرًا لاسيما إذا كانت الفترة ما بين موعد إخراجها، والإجازة شهرين تقريبًا -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فعلى القول بأن إخراج الزكاة واجب على الفور، فإنه يتعين إخراجها في اليوم الذي وجبت فيه، ولا يجوز تأخيرها عنه إلا لحاجة، على ما فصلناه في الفتوى رقم: 133278، ورخص بعض الفقهاء في تأخيرها ليوم ويومين لأجل أن يتحرى، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: قال في المذهب: ولا يجوز تأخيرها مع القدرة، فإن أمسكها اليوم واليومين ليتحرى الأفضل، جاز، قال في الفروع: وظاهر كلام جماعة المنع. اهــ.
إذا تبين هذا، فيجب عليك في الأصل -أخي السائل- أن تخرج الزكاة فورًا في اليوم الذي وجبت فيه من الشهر، وإن كنت لا تعلمه، فلا مناص من التقدير والاجتهاد، ولك أن تخرجها في أول الشهر، فإن كان هو يومها، فذاك، وإن كانت قبل يومها كان من باب تعجيل الزكاة، وهو جائز في قول جمهور العلماء.
جاء في الموسوعة الفقهية: تَعْجِيل الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، إِلَى أَنَّهُ جُوزُ لِلْمُزَكِّي تَعْجِيل إِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ قَبْل مِيعَادِ وُجُوبِهَا؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيل صَدَقَتِهِ قَبْل أَنْ تَحِل، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا زَكَاةَ الْعَبَّاسِ عَامَ الأْوَّل، لِلْعَامِ. اهــ.
وأما تأخير إخراجها إلى أن تعود بعد شهرين، بدل تحويلها لمن يخرجها في بلدك، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من التأخير أولًا، ولأن المكان الذي تخرج فيه الزكاة في الأصل، هو البلد الذي فيه المال حتى لو كنت أنت في بلد غيره، فكيف وأنت ومالك في بلد واحد، وتريد تأخيرها، وإخراجها في بلد آخر؟!!
وعليه، فإن كان مالك في السعودية، فأخرجها هناك، ولا تؤخر إخراجها حتى تعود لبلدك.
قال المرداوي في الإنصاف: فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي آخَرَ: أَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَالِ فِي بَلَدِهِ يَعْنِي فِي بَلَدِ الْمَالِ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَالُ مُتَفَرِّقًا، زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هُوَ ... اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 132733.
والله أعلم.