السؤال
أحاول جاهدا التخلص من وساوس الكفر وغيرها، لكنني أعود وأوسوس في شيء جديد.
في آخر سؤال سألتكم إياه عن وساوس الكفر، أرفقتم في الفتوى، رقم فتوى أخرى تتكلم عن موجبات الردة مكتوب فيها: (حلل محرما بالإجماع كالزنا وعكسه، أو نفى وجوب مجمع عليه، أو عكسه... كاعتقاده الشريك له تعالى، أو أن الزنا، أو الخمر حلال، أو أن الخبز حرام ونحو ذلك مما أجمع عليه إجماعا قطعيا. وبالشك في شيء من ذلك). فأصبحت أوسوس كثيرا في هذا الموضوع طوال اليوم، مثلا وأنا أصلي تذكرت أنني سمعت مرة، أو قرأت في القرآن الكريم أن النبي إبراهيم عليه السلام مسلم، فأتتني وساوس أنه يهودي، فأحسست أنني أكذب شيئا في الدين، ثم قلت إنني لا أكذب هذه الآية، لكن الأمر أنني فقط لا أعرف تفسير الآية، وبإذن الله لست محاسبا. ثم تأتيني خواطر طوال اليوم فجأة عن حكم أي شيء مثلا حكم صلاة الجماعة، فأحاول صرفها عن ذهني وألا أعيرها أي اهتمام، لكنني في النهاية أضعف، وأبحث في موقعكم عن حكمها، وأخاف أن يكون هذا من قبيل التشكيك، أو ما ذكرتم في فتوى موجبات الردة؛ لأنني أعرف أنها واجبة. وهكذا يمضي يومي وأنا أحس أنني- والعياذ بالله- قد فعلت موجبا للردة، وأعود وأتشهد.
أرجوكم وضحوا لي المقصود، وأرجوكم لا ترفقوا رقم أي فتوى مع الإجابة حتى لا أوسوس.
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في مدافعتك لتلك الوساوس، فهذا من أهم الأسباب لعلاجها، ونوصيك بالاستمرار في الإعراض والتلهي عنها، مع الاستعانة بالله عز وجل على ذلك. وانظر الفتوى رقم: 164015 وما أحيل عليه فيها.
واعلم أن الخواطر، وأحاديث النفس لا مؤاخذة عليها ما لم تستقر في القلب؛ لقوله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ{البقرة:225}، ولما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل، أو تكلم.
قال ابن حجر في فتح الباري: قَالَ النَّوَوِيّ: فِي الْآيَة دَلِيل عَلَى الْمَذْهَب الصَّحِيح أَنَّ أَفْعَال الْقُلُوب يُؤَاخَذ بِهَا إِنْ اِسْتَقَرَّتْ, وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّه تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَل. فَمَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَسْتَقِرّ . قُلْت (أي : ابن حجر): وَيُمْكِن أَنْ يُسْتَدَلّ لِذَلِكَ مِنْ عُمُوم قَوْله: (أَوْ تَعْمَل) لِأَنَّ الِاعْتِقَاد هُوَ عَمَل الْقَلْب. انتهى.
وأما حكم صلاة الجماعة، فليس من الأحكام المجمع عليها، بل اختلف العلماء في حكمها على أقوال، سبق ذكرها في الفتوى رقم: 80800.
والله أعلم.