الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المبادرة بإخراج المال الحرام

السؤال

شخص عليه إخراج مال غير حلال، ومعه مبلغ أقل من المبلغ المطلوب إخراجه، وأمامه أحد أمرين: إما أن يخرج المال المتوفر معه، وأي مبلغ يأتيه يخرجه، حتى يتم إخراج المبلغ المطلوب، وذلك الأمر يحتاج إلى فترة، وإما استعمال المال المتوفر معه في أمر يحسن به حالته المادية، ومن ثم سيخرج المال المطلوب في فترة أقل من الأمر الأول، فأي الأمرين أولى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل هو وجوب المبادة بإخراج المال الحرام، لا سيما إن كان مأخوذًا بغير رضا صاحبه ـ كالمسروق، والمغصوب، ونحوهما ـ قال ابن مفلح: والواجب في المال الحرام التوبة، وإخراجه على الفور، يدفعه إلى صاحبه أو وارثه، ومتى تمادى ببقائه بيده ـ تصرف فيه أو لا ـ عظم إثمه. اهـ باختصار من الفروع.

فإن كان المال مأخوذًا بغير رضا صاحبه، فالواجب على هذا الشخص هو المبادرة برد ما بقي منه، أو ما يقدر عليه إلى صاحبه، ولا يجوز له العمل فيه، ولا تأخيره بأية ذريعة إلا بإذن صاحبه.

وأما إن كان المال مأخوذًا برضا صاحبه ـ كالربا ـ فالأمر فيه أيسر، ومن هنا رخص بعض العلماء لكاسب هذا المال الحرام إذا تاب أن يأخذ منه، ويعمل فيه إن كان محتاجًا، قال ابن تيمية: وأما إن كانت العين أو المنفعة محرمة: كمهر البغي، وثمن الخمر، فهنا لا يقضى له به قبل القبض، ولو أعطاه إياه لم يحكم برده، فإن هذا معونة لهم على المعاصي، إذا جمع لهم بين العوض والمعوض، ولا يحل هذا المال للبغي، والخمار، ونحوهما، لكن يصرف في مصالح المسلمين، فإن تابت هذه البغي، وهذا الخمار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج، والغزل أعطي ما يكون له رأس مال، وإن اقترضوا منه شيئًا ليكتسبوا به، ولم يردوا عوض القرض كان أحسن .اهـ.

فعلى هذا القول يمكن أن يرخص لهذا الشخص في العمل فيما بيده من المال الحرام المأخوذ برضا صاحبه ليتخلص منه تامًا بعد ذلك في حال كان فقيرًا محتاجًا لرأس مال، أما إن كان غير ذلك فليبادر إلى إخراج ما بيده، ولا يستثمره، فإنه لا يملكه, وكلما تيسر له شيء أخرجه حتى يأتي على المبلغ كله، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 71063.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني