الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مصاحبة من يُخشى التأثر بمعاصيهم من أجل دعوتهم

السؤال

إذا كان أصحابي لا يصلون، ويسمعون الأغاني، وغير ملتزمين، فهل يجوز البقاء معهم على نية الدعوة، مع العلم أنهم قد يؤثرون علي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمصاحبة الجماعة المشار إليها منهي عنها شرعا - ولو بنية الدعوة - مادمت تخشى على نفسك أن تتأثر بهم، إذ الأصل المنع من مخالطة أمثالهم من الفساق للأحاديث الصحيحة الدالة على التحذير من مخالطة جلساء السوء، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا. رواه أبو داود والترمذي.

وكقوله صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: فيه تمثيله صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين.... والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة. انتهى.

ودعوتهم لا شك أنها مصلحة، لكن مادمت تخاف أن تتأثر بهم ويفسدوك فهذه مفسدة راجحة، ومن القواعد المقررة شرعا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فالمحافظة على دينك أولى من المخاطرة به بحجة دعوتهم، وقد سبق لنا بيان أضرار ومخاطر مخالطة رفقاء السوء، وبيان أثر الجليس الصالح، والجليس السوء، في الفتاوى التالية أرقامها: 69563، 76546، 24857.

وإن أمكنك دعوتهم من غير مخالطة كأن ترسل إليهم ـ عن طريق الهاتف، أو البريد الألكتروني، أو غيره من وسائل الاتصال ـ دروسا أو محاضرات نافعة فهذا باب خير تجمع به بين المحافظة على دينك وبين الدعوة إلى الله فلا تفوته على نفسك، وفي الحديث الصحيح: فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني