السؤال
كيف يرد على شبهة من يقول إن الإسلام يفضل الذكر على الأنثى، ويعق عن الذكر بشاتين وعن الأنثى بشاة؟ وهل معنى هذا أن الأنثى أحقر!! من الذكر؟.
كيف يرد على شبهة من يقول إن الإسلام يفضل الذكر على الأنثى، ويعق عن الذكر بشاتين وعن الأنثى بشاة؟ وهل معنى هذا أن الأنثى أحقر!! من الذكر؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الشريعة أن كل حكم ثبت في حق الرجال يثبت مثله في حق النساء، لأنهن شقائقهم، وهناك بعض الصور والأحوال فاوتت الشريعة بينهم في الأحكام، وفضلت الذكور على الإناث باعتبار الجنس وأصل النوع، لا باعتبار الأفراد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 106951.
ومن جملة هذه الأحكام العق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 49605.
والتفاوت في هذه الأحكام لا يصح حمله على تحقير الأنثى، فهي من بني آدم الذين قال الله فيهم: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا {الإسراء: 70}.
وإنما جاء هذا التفاوت لتحقيق العدل وإقامة الشكر، فلا يزال أكثر الناس يفرحون بميلاد الذكور أكثر من فرحهم بالإناث بل إن بعضهم لتصيبه لوثة الجاهلية فيحزن، كما قال تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ { النحل: 58ـ 59}.
وإذا كان الأمر كذلك فشكر الله على النعمة يتفاوت، قال الدهلوي في حجة الله البالغة: يستحب لمن وجد الشاتين أن ينسك بهما عن الغلام، وذلك لما عندهم أن الذكر أنفع لهم من الإناث، فناسب في زيادة الشكر وزيادة التنويه به. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: ذكر الحليمي أن الحكمة في كون الأنثى على النصف من الذكر أن المقصود استبقاء النفس فأشبهت الدية.
وقواه ابن القيم بالحديث الوارد في أن من أعتق ذكرا أعتق كل عضو منه، ومن أعتق جاريتين كذلك.
وهنا ننبه على أن من الجور التسوية بين الأمور والذوات والصفات المختلفة، فالعدل يقتضي معاملة كل بحسبه، ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين في شرح العقيدة الواسطية: يجب أن ننبه على أن من الناس من يستعمل بدل العدل: المساواة! وهذا خطأ، لا يقال: مساواة، لأن المساواة قد تقتضي التسوية بين شيئين الحكمة تقتضي التفريق بينهما، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى... لكن إذا قلنا بالعدل، وهو إعطاء كل أحد ما يستحقه، زال هذا المحذور وصارت العبارة سليمة، ولهذا لم يأت في القرآن أبداً أن الله يأمر بالتسوية! لكن جاء: إن الله يأمر بالعدل {النحل: 90} وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل {النساء: 58} وأخطأ على الإسلام من قال: إن دين الإسلام دين المساواة! بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين، والتفريق بين المفترقين، إلا أن يريد بالمساواة: العدل، فيكون أصاب في المعنى وأخطأ في اللفظ، ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن نفي المساواة: قل هو يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون {الزمر: 9} هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور {الرعد: 16} لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا {الحديد: 10} لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله {النساء: 95} ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً، إنما يأمر بالعدل. اهـ.
وراجعي في بيان مكانة المرأة في الإسلام والجواب عن بعض الشبهات في ذلك، الفتاوى التالية أرقامها: 16032، 16441، 136201.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني