السؤال
أمتلك فحلا من الغنم، كنت قد جعلت تلقيحه لمن أراد من نعاج أهل القرية، لوجه الله بلا أجر، والآن أريد أن أستفيد منه سواء بالتلقيح لغنمي فقط، أو بالهبة، أو الهدية، أو توريثه، أو ذبحه.
فهل هذا جائز أم إنه أصبح وقفاً لا يحق لي التصرف فيه؟
أرجو الإفادة.
ولسيادتكم جزيل الاحترام والتقدير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 61132. جواز وقف الحيوان.
قال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: الَّذِي يَجُوزُ وَقْفُهُ، مَا جَازَ بَيْعُهُ، وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَكَانَ أَصْلًا يَبْقَى بَقَاءً مُتَّصِلًا، كَالْعَقَارِ، وَالْحَيَوَانَاتِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْأَثَاثِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. انتهى.
وهو قول جمهور الفقهاء.
غير أن الوقف ينعقد باللفظ الصريح، وبالكناية مع النية؛ فراجع في ذلك الفتوى رقم: 43322.
فإذا قلت: وقفت هذا الفحل، أو حبسته، أو سبلته، صار وقفا بأحد هذه الألفاظ؛ لأنها ألفاظ صريحة في الوقف.
وأما إذا قلت: تصدقت بهذا الفحل، أو حرمته، أو أبَّدته لم يحصل الوقف بمجرد هذه الألفاظ؛ لأنها غير صريحة، فإن انضم إليها أحد ثلاثة أشياء، حصل الوقف بها.
قال ابن قدامة- رحمه الله- في بيانها: أحدها: أن ينضم إليها لفظة أخرى تخلصها من الألفاظ الخمسة، فيقول: صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو محرمة، أو مؤبدة أو يقول: هذه محرمة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو مؤبدة.
الثاني: أن يصفها بصفات الوقف، فيقول: صدقة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث؛ لأن هذه القرينة تزيل الاشتراك.
الثالث: أن ينوي الوقف، فيكون على ما نوى، إلا أن النية تجعله وقفا في الباطن دون الظاهر، لعدم الاطلاع على ما في الضمائر، فإن اعترف بما نواه، لزم في الحكم؛ لظهوره، وإن قال: ما أردت الوقف. فالقول قوله؛ لأنه أعلم بما نوى. انتهى.
ويجوز لك أن تتصرف في الفحل إذا لم يكن وقفا كيفما تشاء بهبة، أو بيع أو نحو ذلك، وأما إذا صح أنك أوقفته، فلا يجوز لك أن تتصرف فيه تصرفا يخرج به عن الوجه الذي جعلته فيه لغير عذر؛ وراجع للفائدة فتوانا رقم: 51948. بعنوان: حكم جعل الفاضل من الوقف في غير ما وُقِف له.
والله أعلم.