الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصف الوالدة بالجهل يعتبرعقوقا

السؤال

شخص قال لأمه غير المتعلمة لاعتراضها على شيء يخص الدراسة: ما هذا الجهل؟ ولم يعتذر وظل يبرر ويقول: إنه يقصد الجهل في شيء معين، وأنه قد يكون الإنسان عالما بشيء وجاهلا بشيء آخر، فهل قوله لهذه الكلمة من العقوق؟ إضافه إلى ذلك يشعر أنه جرحها جرحا كبيرا، فهل يكفي الاعتذار لأمه لكي تبرأ ذمته أمام الله عز وجل من أثر هذه الكلمة؟ أم ماذا يفعل لكي يزيل ذلك الأثر؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن وصف الوالدة بالجهل يعتبر عقوقا، كما قدمنا في الفتوى رقم: 11287.

ولا شك أنه يخالف ما أمرنا الله به من مخاطبة الوالدين بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، ويخالف ما ثبت من النهي عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، كما قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا { الإسراء:23ـ24}.

قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه، من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

وكل ما يتأذي به الوالد من أساليب الخطاب والتنقص والذم فيعتبر من العقوق، قال الهيتمي: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ ـ أَيْ عُرْفًا ـ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي. اهـ.

وقال العلامة المحدث بدر الدين العيني: وقال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى، قل أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل... اهـ.
وأما إذا اعتذر إليها وسامحته، فهذا يكفي ـ إن شاء الله تعالى ـ وعليه أن يحرص على ترضيتها، لما في الحديث: عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. والحديث صححه الألباني.

وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وكذا حكم الوالدة، بل هو أولى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني