الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحكام قتل الخطأ.. الميراث.. الدية.. والصداق

السؤال

أصحاب الفضيلة قسم الفتوى في الشبكة الإسلاميةالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..... وبعد:نرجو الإفادة فيما يلي: في حادث سير كان فيه زيد وزوجته في سيارتهما حين اصطدما بسيارة ثانية فنتج عن الحادث ما يلي: وفاة الزوجة وإصابة الزوج الذي تماثل للشفاء بعد ذلك [ ليس للزوجين أولاد] كان ذلك في البحرين، وخرج أو ظهر التقرير التالي: يتحمل زيد (الزوج) 25% من أسباب الحادث.- يتحمل الطرف الثاني 75% من الحادث.بناءً على ذلك: أصدرت المحكمة في قطر حصر إرث أعطي الزوج النصف والأم ثلث الباقي، والباقي للأب، وليس لدى المحكمة اطلاع أصلاً على الحادث.في البحرين اعتمدت السلطات كشف المحكمة فقضي للأبوين بنصف الـ 75% التي التزم بها سائق السيارة الثانية.السؤال هو: هل يستحق الزوج الإرث في هذه المسألة أم يمنع من الميراث ؟ما مصير الـ 25% من الدية التي لم يُطالَب بها الزوج هل هي ساقطة أم ماذا؟ وهل يستحق منها الأبوان أم لا؟ ما مصير مؤخر الصداق ؟ أموال الزوجة الفقيدة وما لديها من حلي وغيره، ولمن يصرف ذلك كله. نرجو الإفادة مع التفصيل فيما يحتاجه الأمر، ولكم جزيل الشكر والأجر إن شاء الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

فإن حوادث السير لها أحكام كثيرة، وقد شغلت حيزًا كبيرًا من كتب الفقهاء قديمًا وحديثًا، لما يترتب عليها من حقوق تتعلق بالدماء والأموال، والكفارات والديات.
والحكم على حادث بعينه يوجب على الحاكم أن يطلع على كل ما اكتنفه من ملابسات، ليتمكن من تحديد نسبة الخطأ لكل من اشترك في الحادث، وقد حصل هذا من سلطات البلد الذي حصل فيه الحادث.
والأصل أنه إذا اجتمع في حادث ما مباشر ومتسبب كانت المسؤولية على المباشر دون المتسبب، إلا إذا حدث تفريط أو تعدٍ من المتسبب، فإنه يتحمل نسبة هذا التقصير، وبهذا جاء نص قرار المجمع الفقهي برقم: 7 (2/8) لسنة 1414هـ الموافق 1993م، وفيه:
إذا اجتمع المباشر مع المتسبب كانت المسؤولية على المباشر دون المتسبب؛ إلا إذا كان المتسبب متعديًّا والمباشر غير متعد. انتهى
وفيه أيضًا:
إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر، فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر. انتهى.
وهذه النسبة لا يمكن تحديدها إلا بالاطلاع على الحادث نفسه، وهذا ما حصل، وبناء على ذلك يكون الحكم الصادر من الخبراء في البلد المذكور صحيحًا، فهم أهل الخبرة الذين يرجع إليهم في مثل هذه الأمور.
أما عن ميراث الزوج هنا: فالمسألة تحتاج إلى تفصيل، وذلك في النقاط التالية:
الأولى: أن قاتل الخطأ لا يرث عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ويرث من المال دون الدية الواجبة بالقتل عند المالكية، والراجح عندنا في هذا - والله أعلم - هو قول المالكية؛ لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه ويأخذ ماله، وهو ما صححه القرطبي في تفسيره فقال: وقول مالك أصح، وبه قال إسحاق وأبو ثور، وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والزهري والأوزاعي وابن المنذر؛ لأن ميراث من ورثه الله تعالى في كتابه ثابت لا يستثنى منه إلا بسنة أو إجماع، وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات التي فيها المواريث. انتهى
وبناء على هذا، فإن الزوج هنا يرث من جميع مال زوجته بما في ذلك نسبة الـ 75% الواجبة على الطرف الآخر في الحادث، ولا يرث من نسبة الـ 25% الواجبة عليه؛ لأنه يستحيل أن يجب على الشخص شيء لنفسه.
الثانية: أن الزوج يجب عليه بذل نسبة الـ 25% لبقية الورثة؛ لأنها من تركة الزوجة، وتدخل ضمن حقوق باقي الورثة، إلا إن تنازلوا عنها.
وينبغي أن يُعْلَم أن هذه الدية تجب على عاقلة الزوج، فإن لم تكن له عاقلة أو كانت وأبوا دفع هذا القدر من الدية انتقل وجوب الدفع إليه عند جماعة من الفقهاء. ولهذا ننصح أهل الزوجة وورثتها بالعفو عن الزوج، والرفق به، وإدراك أنه أصابه ما أصابهم من الحزن والألم، قال الله تعالى في وصف المتقين: والعافين عن الناس والله يحب المحسنين [آل عمران:134].
الثالثة: مؤخر صداق الزوجة يدخل ضمن تركتها، ويرث منه الزوج كبقية الورثة، وهو واجب السداد بوفاة الزوجة - كما هو الحال - أو بطلاقها، أو بحلول الأجل إن كان له أجل، وراجع الفتوى رقم:
29526 .
الرابعة: حلي المرأة وأموالها التي ثبتت ملكيتها لها تدخل ضمن تركتها، ويرث منها الزوج أيضًا كبقية الورثة، وقد فصَّلنا هذه المسائل وزيادة في الفتاوى التالية:
18381 -
22159 -
18235.
وليُعلم أن أمر التركات أمر شائك وخطير، يجب الرجوع فيه للمحاكم مع توضيح الصورة لهم كما هي في الواقع؛ ولأن حكم المحاكم الشرعية في القضايا الخلافية يرفع الخلاف فيها، ويقطع النزاع.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني