الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال الفقهاء في الظهار المؤقت وما ينبني عليه

السؤال

سيادة الشيخ الفاضل حفظكم الله تعالى أرجو أن تفهموا سؤالي وتعوه جيداً وأنا معلقٌُ في ذمتكم يوم القيامة: ( ذات يوم أردت من امرأتي أن أجامعها فأبت فأردت أن أحلف عليها بالهجر ولكني قلت لها أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام وبعد ذلك لم أستطع الإيفاء بالأيام سؤالي هو: هل أعتبر أن هذا ظهار وما يجب علي علماً بأني موظف في هيئة حكومية وأعمل طوال النهار ولا أستطيع الصيام فهل أستطيع أن أصوم النصف وإمرأتي النصف إن كان ظهاراً حيث وأن نيتي نية هجر لا نية ظهار ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن قولك لامرأتك حين امتنعت عن الجماع أنت علي كأمي لمدة عشرة أيام هو في الحقيقة ظهار ، ولكن لكونك لم تُطْلق وإنما قيدتَ ذلك بعشرة أيام فهو يدخل فيما يسميه الفقهاء بالظهار المؤقت، وقد اختلف الفقهاء هل يقع أم لا؟ قال أصحاب الموسوعة الفقهية: الأصل في الظهار إن أطلقه أن يقع مؤبداً، فإن أقته كأن يظاهر من زوجته يوماً أو شهراً أو سنة، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب الحنفية والحنابلة والشافعية في القول الأظهر إلى أنه يقع مؤقتاً، ولا يكون المظاهر عائداً إلا بالوطء في المدة، فإن لم يقربها حتى مضت المدة سقطت عنه الكفارة، وبطل الظهار عملاً بالتأقيت، لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره، فوجب أن ينقضي بانقضائه، ولأن الظهار منكر من القول وزور فترتب عليه حكمه كالظهار المعلق.
وذهب المالكية والشافعية في غير الأظهر إلى أن الظهار لا يقبل التأقيت، فإن قيده بوقت تأبد كالطلاق فَيُلْغى تقييده ويصير مظاهراً أبداً لوجود سبب الكفارة.
وذكر الشافعية في قول ثالث عندهم أن الظهار المؤقت لغو لأنه لم يؤبِّد التحريم فأشبه ما إذا شبهها بامرأة لا تحرم على التأبيد.
انتهى
إذا تبين لك ما سبق -أخي السائل- فاعلم أن أرجح الأقوال هو القول الأول، وعليه فإذا انقضت الأيام العشرة من غير أن تمس امرأتك، فإنها تحل لك بغير كفارة وراجع الفتوى رقم:
22565 - والفتوى رقم: 24650.
أما إذا كنت قد وطئتها أثناء الأيام العشرة فإنها تحل لك كذلك بانقضاء المدة، ولكن تبقى في ذمتك كفارة الظهار، قال النووي في روضة الطالبين فيمن ظاهر ظهاراً مؤقتاً ثم جامع امرأته أثناء المدة: وعلى الوجهين يحرم عليه الوطء بعد ذلك الوطء حتى يكفر أو تمضي مدة الظهار فإذا مضت حل الوطء لارتفاع الظهار، وبقيت الكفارة في ذمته. انتهى
واعلم أن الكفارة على الرجال دون النساء، قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن معلقاً على قول الله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة:2]، والتحريم في النكاح بيد الرجال، ليس بيد المرأة منه شيء، وهذا إجماع. انتهى
ومن هنا تعلم أنه لا يجوز أن تقاسمك امرأتك صيام الكفارة بل ولا تصوم يوماً واحداً، وإنما عليك أن تصوم أنت الكفارة كاملة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني