الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ

السؤال

أنا شاب أقع في أخطاء كثيرة ومحرمات وعندما أحس أن ذنبي كبير أندم كثيرا وأتوب الى الله بالدعاء وقيام الليل وأعاهد الله تعالى على أن لا أعود الذنب مرة أخرى فأشعر بارتياح على توبتي ولكن بعد فترة أقع في نفس الذنب وأتوب مرة أخرى فسؤالي هو: هل توبتي هذه مقبولة؟ وهل عندما أعاهد الله على عدم تكرار المعصية والعودة إليها مرة أخرى من دون قصد هو تطاول عليه لا سمح الله؟أرجو إفادتي جزاكم الله خيرا (وأعتذر عن الأسلوب).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن التوبة إذا تحققت شروطها، فإنها تقع صحيحة، وشروط التوبة: هي الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه، وإن كان الذنب يتعلق بحق لمخلوق، فيجب استحلاله منه.
أما العودة إلى الذنب بعد التوبة، فإنه لا يعني عدم صحة التوبة السالفة، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: "أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً. فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ. فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ".
وقد ترجم على هذا الحديث باب (قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب).
وهنا أمر يجب التنبه له وهو الحذر من توبة الأماني والغرور، والتي يتوب صاحبها دون الإقلاع عن الذنب أو مع نية العودة إلى فعله، فهذه أشبه بتوبة المستهزيء بربه سبحانه.
وكذا ننبه السائل إلى أن التوبة من المعاصي أمر واجب ولو لم يعاهد العبد ربه، فإذا عاهد الله تعالى تأكد الوجوب، وعظم الذنب بنقض العهد والعودة إلى الذنب مرة أخرى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني