السؤال
ما هو السبيل لكسب ولاية الله عز وجل، علما أن لدي ذنوبا، هل من الممكن أن أكون من أولياء الله ولدي ذنوب؟ وأرجو ذكر أوصاف أولياء الله، والسبيل إليها بالتفصيل، أثابكم الله، وجزاكم عنا خير الجزاء.
ما هو السبيل لكسب ولاية الله عز وجل، علما أن لدي ذنوبا، هل من الممكن أن أكون من أولياء الله ولدي ذنوب؟ وأرجو ذكر أوصاف أولياء الله، والسبيل إليها بالتفصيل، أثابكم الله، وجزاكم عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين الله تعالى من هم أولياؤه أتم بيان، وأوضح أنهم كل مؤمن تقي، قال تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {يونس:62/63}، وهم قسمان، مقربون سابقون ، ومقتصدون أصحاب اليمين، والمقتصدون أصحاب اليمين هم الفاعلون للفرائض التاركون للمحرمات، والسابقون المقربون هم المجتهدون في فعل النوافل بعد الفرائض، وبه يتبين لك طريق نيل ولاية الله وأنه يحصل بالإيمان والتقوى وفعل ما افترض الله تعالى وترك ما نهى الله عنه، وكلما أكثر العبد من المستحبات ارتفعت درجة ولايته وزاد قربه من الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: يقول الله تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} الآية "فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا"، وهم على درجتين: السابقون المقربون وأصحاب اليمين المقتصدون كما قسمهم الله تعالى في سورة فاطر وسورة الواقعة والإنسان والمطففين، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه} . فالمتقربون إلى الله بالفرائض: هم الأبرار المقتصدون أصحاب اليمين والمتقربون إليه بالنوافل التي يحبها بعد الفرائض، هم السابقون المقربون وإنما تكون النوافل بعد الفرائض. انتهى. فإذا علمت هذا وتبين لك الطريق لنيل ولاية الله فاعلم أنه ليس من شرط ولي الله أن يكون معصوما لا يواقع الذنوب، بل أولياء الله قد تكون لهم ذنوب يفعلونها لكن ولي الله سريع الفيئة يرجع إلى ربه ويتوب من قريب، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: وَالْخَطَأُ وَالْغَلَطُ مَعَ حُسْنِ الْقَصْدِ وَسَلَامَتِهِ، وَصَلَاحِ الرَّجُلِ وَفَضْلِهِ، وَدِينِهِ وَزُهْدِهِ، وَوَرَعِهِ وَكَرَامَاتِهِ، كَثِيرٌ جِدًّا، فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ وَلِيِّ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا مِنْ الخطأ والغلط بل ولا من الذنوب. انتهى، وقال أيضا طيب الله ثراه: وَاتَّفَقُوا على أَنه لَيْسَ من شَرط ولي الله أَن لَا يكون لَهُ ذَنْب أصلا بل أَوْلِيَاء الله تَعَالَى هم الَّذين قَالَ الله فيهم أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [سُورَة يُونُس 62 - 63] وَلَا يخرجُون عَن التَّقْوَى بإتيان ذَنْب صَغِير لم يصروا عَلَيْهِ وَلَا بإتيان ذَنْب كَبِير أَو صَغِير إِذا تَابُوا مِنْهُ قَالَ تَعَالَى وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ أُولَئِكَ هم المتقون لَهُم مَا يشاءون عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ [سُورَة الزمر 33 - 35] وَقَالَ تَعَالَى إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وندخلكم مدخلًا كَرِيمًا [سُورَة النِّسَاء 301] وَقَالَ تَعَالَى لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة من بعد مَا كَاد يزِيغ قُلُوب فريق مِنْهُم ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم إِنَّه بهم رءوف رَحِيم وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم أنفسهم وظنوا أَن لَا ملْجأ من الله إِلَّا إِلَيْهِ [سُورَة التَّوْبَة 117 - 118]. انتهى، فصفة أولياء الله هي الإيمان والتقوى، فكل ما كان داخلا في الإيمان والتقوى من فعل المأمورات وترك المحظورات فهو من صفاتهم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني