الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهرجل ماتت عنه أمه وتركت له مبلغاً من المال وله أختان وأولاد أخ متوفى وكان يقوم بخدمتها وقد وكل أحد أولاده بالجلوس معها بالمنزل وكان يقوم بإطعامها وإحضار جميع طلباته من مالها الموجود معه، وقد أوضح خلال حياتها أمام أمه وإخوته أن أمه قد قامت "بوهب" جميع أموالها لابنه، هل ذلك جائز شرعا وإن لم يكن كيف يكون التوزيع، وهل لأخته من أبيه حق في هذا الميراث؟ وجزاكم الله خيراً..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه يشترط أن تثبت هذه الهبة بالبينة ولا تقبل شهادة الأب فيها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ولا مجلودة ولا ذي غمر على أخيه ولا مجرب عليه شهادة زور ولا التابع مع أهل البيت لهم ولا الظنين في ولاء ولا قرابة. رواه الترمذي.
قال ابن قدامة في المغني: الظنين المتهم، والأب يتهم لولده لأن ماله كماله، ولأن بينهما بعضية فكأنه يشهد لنفسه.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها. أخرجه البخاري.
ويشترط كذلك أن تكون الهبة قبضت قبل وفاة الأم، قال في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. انتهى
وقال صاحب الكفاف:
والشرط في استمرار الحوز فإن === يفَلس الواهب قبل أو يحن
ترد ما لم يك جد فيه === متهب وعاقه معطيه
وهْو إذا أردت أن يعرفا === إن يلي المتهب التصرفا
فيها ورفع واهب عنه بره === وشرطه بينة مشاهده
ومعنى "يحن" في آخر البيت الأول: يموت.
فإن توفرت الشروط التي ذكرنا فإن الهبة صحيحة ويكون المال للولد.
وإلا فإنه يكون تركة بين الرجل المسئول عنه وبين أختيه للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لأولاد أخيه المتوفى شيء. وتكون القسمة كالتالي: النصف للرجل ولكل من أختيه الربع، أما الأخت من الأب فلا شيء لها لأن المتوفاة ليست أمها.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني