الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق الملكية الفكرية والنسخ.. رؤية شرعية

السؤال

سؤال حول حقوق الملكية:
وضعت أغلب الشركات المصنعة للبرامج الخاصة بالحواسيب حقوقا لها بعدم تزوير برامجها، ووضعت أسعارا لهذه البرامج لبيعها، لكن معظم هذه البرامج في بلادنا يتم استعمالها مجانا عن طريق تزوير كلمة السر لها!
- مثال عن تلك البرامج: نظام التشغيل للحواسيب ( Windows ) قد يبلغ سعر النسخة الواحدة الأصلية ($ 180) (أي: ما يعادل راتب شهرين لموظف حكومي)
- ومثال في مجال عملي بتركيب شبكات الحواسيب:
عدد الحواسيب في الشركة × سعر النسخة الأصلية
( 100 ) × ( 180) = ( $ 18,000 ) وهذا فقط أسعار أنظمة التشغيل عدا باقي البرامج.
عندها لن يتعامل معي أي من الشركات بسبب أسعاري المرتفعة، ويمكن أن يكون تسديد أسعار بعض البرامج عبر بنوك ربوية، وإن حرمت استعمال هذه البرامج ضرت المسلمين الملتزمين ضررا كبيرا، وزادت من أرباح الشركات والدول الكافرة.
ملاحظات:
1- المؤسسات الحكومية الرسمية في بلدنا تستخدم النسخ الغير أصلية (وعلما أنه لا يوجد وكالة لشركة(Microsoft) التي تنتج الـ (Windows) ولا لغيرها في بلادنا ) ( أي: بالأساس هم لا يعترفون بنا لأننا بنظرهم (دول عالم ثالث))
2- ألا تدخل هذه الحالة في عموم البلوى على المسلمين؟
3- وهل يمكن اعتبار بعض دول الغرب الكافرة التي تحارب الإسلام الآن (دون ذكر أسماء) المنتجة لهذه المنتجات هي دول لا تُحترم حقوقها؟
أسئلة؛ يرجى الإجابة على كل سؤال على حدة بـ( حلال – حرام – مختلف فيه والراجح ...) إن أذنتم بذلك كون الأمور تداخلت عندي:
1- فما حكم الاستفادة من هذه البرامج بشكل شخصي أو بشكل تجاري باستعمال النسخ المزورة (كالمثال الثاني)؟
2- وما حكم التعلم والتعليم بمعهد للحواسيب أو بجامعة ... تستخدم نسخ غير أصلية؟
3- وما حكم العمل بمكان يستخدمون فيه نسخ غير أصلية (مثال: تركيب أجهزة الشبكات فقط (التي سيتم تنزيل البرامج المزورة عليها يقينا من قبل شخص آخر)؟
4- و إن قارنا ذلك مع منتجات أخرى تقلد ماركة المنتج الأصلي كـ ( الهواتف المحمولة – الملابس – الساعات ....) وهل تنطبق عليها حقوق الملكية؟
5- وهل أرفض طلب والدي أو أصدقائي بتصليح حواسيبهم (فرمتة)؟
6- وما هي القاعدة الفقهية التي أعتمدها للتفرقة بين الحلال والمباح أو الحرام في مسائل حقوق الملكية حول المعلوماتية؟
علما أني لا أعلم بالضبط ما هي الحقوق التي نصتها هذه الشركات لكن من البديهي أنها نصت على عدم تزوير كلمات السر لها، وتعاقب على ذلك.
وجزاكم الله خيرا فيما أصبتم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعتبار حقوق الملكية الفكرية والنسخ ونحو ذلك من المسائل التي اختلف أهل العلم في مدى اعتبارها، وقد ذكرنا أقوالهم في الفتويين: 45619، 113599، وما أحيل عليه فيهما. والقول المفتى به عندنا هو: اعتبارها مطلقًا، وعليه؛ فلا نرى جواز نسخ تلك البرامج أو شرائها من غير منتجيها، وإن كان من أهل العلم من رخص في ذلك للانتفاع الشخصي عند الحاجة، والأحوط ترك ذلك.
وعلى القول بالمنع المطلق: فما ذكرت من ارتفاع ثمن النسخ الأصلية، وأن المؤسسات الحكومية في بلدك تستخدم نسخًا غير أصلية، فإنه لا يغير من الأمر شيئًا، ولا يبيح التعدي على حقوق الآخرين المعتبرة. وانظر الفتوى رقم: 154133.
وأما على القول بعدم اعتبارها أو على الأقل عدم اعتبارها في حالات الاستعمال الشخصي: فإن ما ذكرت في السؤال يفتح باب الجواز أكثر.
وبخصوص عموم البلوى: فيمكن اعتبارها في بعض حالات استثنائية، لكن يظل الأصل هو الحكم باعتبار حقوق النسخ. وراجع بشأن مصطلح عموم البلوى الفتويين: 80895، 143443. وراجع بخصوص حقوق برامج الكفار الفتاوى التالية أرقامها: 74685، 225676 .
وبعد هذا التقديم، وبناء على القول المفتى به عندنا من اعتبار حقوق الملكية مطلقا؛ نجيب على أسئلتك على النحو التالي:
1- لا يجوز استخدام تلك البرامج المنسوخة، سواء للاستعمال الشخصي أو التجاري. وانظر الفتوى رقم: 140406.
2- لا يجوز التعلم ولا التعليم بمعهد أو جامعة تستخدم نسخًا غير مرخصة، وإن كان قد يرخص في استخدامها للتعلم عند الحاجة. وانظر الفتوى رقم: 61658.
3- لا يجوز العمل في مكان يستخدم نسخًا غير مرخصة، وانظر الفتوى رقم: 117549، لكن إن كان عمل العامل في هذا المكان بعيدًا عن استخدام تلك البرامج فلا حرج عليه. وبخصوص المثال المذكور: فلا نرى فيه حرجًا؛ حيث إنه ليس فيه إعانة على تنزيل البرامج المذكورة. وانظر الفتويين التاليتين: 208516، 211858، ولمزيد الفائدة عن مفهوم الإعانة راجع الفتوى رقم: 238324.
4- تنطبق حقوق الملكية على ماركات الأجهزة والملابس وغيرها. وانظر الفتوى رقم: 233509، وإحالاتها.
5- إن كنت تقصد أن تلك الحواسيب غير أصلية: فلا يجوز إصلاحها؛ لما ذكرنا، لكن بخصوص الوالدين: فلا نرى عليك حرجًا في ذلك؛ نظرًا للخلاف المذكور، وأكثر العلماء على وجوب طاعة الوالدين في الأمور المشتبهة. وانظر الفتوى رقم: 108354.
أما إن كانت تلك الحواسيب أصلية، وإنما تخشى من قيام أصحابها بتنزيل برامج غير أصلية عليها، فلا حرج عليك؛ حيث لم يوجد منك تعاون على ذلك، كما سبق في النقطة رقم: 3
6- لم يتضح لنا مرادك بحقوق الملكية حول المعلوماتية، وعمومًا فننصحك بمراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 165911، 112337، 21657، وإحالاتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني