الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ائتمام المسبوقين بعضهما ببعض بعد تسليم الإمام

السؤال

صليت إماما باثنين من الشباب قصرا، وأنا على سفر، ولما سلمت قاما ليتما صلاتهما، لأنهما غير مسافرين، ولكن الذي حصل أنني بعد تسليمي جعل أحدهما من نفسه إماما على الآخر، فما حكم ذلك؟ وهل ورد في الشرع؟ وما حكم صلاتهما؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فحكم ما فعله الشابان من اقتداء أحدهما بالآخر بعد سلامك من الصلاة ينبني على حكم الاقتداء بمن كان مأموما، وقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك، فمنهم من منع الاقتداء به، ومنهم من جوز، وهذا هو المفتى به في موقعنا، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَإِنْ سُبِقَ اثْنَانِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.... أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.... وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ... اهـ.

وهذا القول رجحه جمع من المحققين، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا دخل المسبوق المسجد وقد صلى الناس ووجد مسبوقاً يصلي شُرِعَ له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق حرصاً على فضل الجماعة، وينوي المسبوق الإمامة، ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، وهكذا لو وجد إنساناً يصلي وحده بعد ما سلم الإمام شُرِعَ له أن يصلي معه، ويكون عن يمينه تحصيلاً لفضل الجماعة، وإذا سلم المسبوق أو الذي يصلي وحده قام هذا الداخل فكمل ما عليه، لعموم الأدلة الدالة على فضل الجماعة، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلاً دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه. انتهى.

ويرى بعض العلماء أنه خلاف الأولى، وأنه أقرب إلى البدعة منه إلى السنة، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن القائم بقضاء ما فاته في الصلاة هل يجوز أن يقتدي به شخص آخر؟ فأجاب بقوله: الرجل المسبوق الذي دخل مع الإمام في أثناء الصلاة ثم قام يقضي ما فاته، هل يأتم به أحد دخل معه؟ اختلف أهل العلم في هذه المسألة؛ فمنهم من قال: إن هذا غير صحيح، وأنه لا يصح أن يأتم به أحد، ومنهم من قال: إنه صحيح، ولكن خلاف الأولى، وهذا هو الأقرب أنه صحيح، لكنه خلاف الأولى، وهو إلى البدعة أقرب منه إلى السنة، لأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ما كانوا يفعلون هذا، كان الرجل إذا فاته شيء من الصلاة قام فقضاه وحده، ثم إن هذا يؤدي إلى التسلسل فيصلي من دخل مع القاضي الذي يقضي ما فاته، وربما يفوته شيء أعني هذا الداخل فيقضيه، ثم يأتي ثالث ورابع ثم في هذه الحال يظهر جداً أنه بدعة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني