الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية بر الأم لمن كان مسافرا بعيدا عنها

السؤال

أمي عندها مرض نفسي، وأنا أعلم علم اليقين أن لها الحق علي، وقبل كل شيء أنا مقصر في حقها وأريد الإصلاح، فما هي الخطوات التي يجب علي أن أقوم بها؟ فكرت في الدعاء لها، والسفر إليها، وإرسال المال لها، والاتصال بها، وقد سافرت إليها، وأرسل لها المال وأدعو لها لكنني مرض نفسيا أيضا، وكانت تأخذني إلى الراقي، فهي لا تحب الأطباء، فهل إذا كنت قادرا على تحمل مشقة السفر، والمكالمات بيننا ليست كثيرة، لأنها في دولة وأنا في أخرى، وأدعو لها في حياتها، في ذلك ما يجنبني العقوق؟ أم مازلت عاقا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لنا ولكما العافية والشفاء، وأما عن البر بالأم: فهو واجب شرعي، ويدخل في برها زيارتها والنفقة عليها بحسب الوسع والطاقة، ويجب الحرص على ما فيه رضاها مما لا يخالف الشرع، فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً{البقرة:83}.

وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما، فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.

وقد حرم عقوق الأم، فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات... رواه البخاري ومسلم.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.

وقال النووي في الروضة:.. فَأَمَّا بِرُّهُمَا: فَهُوَ الْإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا، وَفِعْلُ الْجَمِيلِ مَعَهُمَا، وَفِعْلُ مَا يَسُرُّهُمَا مِنَ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِحْسَانُ إِلَى صَدِيقِهِمَا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ـ وَأَمَّا الْعُقُوقُ: فَهُوَ كُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْوَلَدُ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ أَوْ نَحْوُهُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَقِيلَ: تَجِبُ طَاعَتُهُمَا فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ، فَتَجِبُ طَاعَتُهُمَا فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَدْ حَكَى الْغَزَالِيُّ هَذَا فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَوْ أَكْثَرِهِمْ..... انتهى.

فعليك بالحرص على التواصل مع الأم ولو بوسائل الاتصال، وإرسال المال لها بحسب طاقتك وحاجتها، وإذا أمكنك السفر إليها من غير حرج يلحقك، فينبغي أن تحرص عليه، إذ الغالب أن تتوق نفس الأم في مثل هذه الأحوال إلى رؤية أولادها، وبهذ ـ إن شاء الله ـ تكون غير عاق.

وأما عن الرقية: فإن كانت تريد أن يرقيك من عرف بأنه راق شرعي ملتزم بالشرع والبعد عن الشعوذة، فلا حرج عليك في موافقتها، وأما إن كان الراقي من أهل الشعوذة والدجل، فيجب البعد عنه، وبين ذلك للأم، لكي تتجنب سخطها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني