السؤال
أنا فتاة أسال عن كيفية طلاق الفاتحة أو فسخ عقد الفاتحة قبل الدخول وقبل إتمام العقد المدني؟
علمًا أن الفاتحة تمت بحضور الولي، والشهود، والإمام، وحضور الزوج، والإيجاب والقبول، وتسمية المهر؛ فاستوفت كل الأركان، إلا أنه بعد قراءة الفاتحة بيوم واحد جاء الزوج، وطلب مني أن أذهب معه إلى بيته، وأن أقضي الليلة عنده؛ لكي أذهب معه إلى المطار في صباح الغد، لكي نستقبل أمه التي أتت لتحضر حفلة العرس، وأنا رفضت، وقلت له: لا أستطيع، ننتظر إتمام العقد المدني (الذي بقي له في ذلك الوقت خمسة أيام) ، ومن ثم أذهب معك، لكنه غضب، وقال لي: إن لم تذهبي معي اليوم لن أكمل إجراءات العقد المدني، وفعلًا يوم الغد اتصل بالبلدية وألغى الموعد، واتصل بي وقال لي هذا في الهاتف، ومن ثم أرجعت له الأشياء، وأبقيت المبلغ الذي أعطاني إياه لكي أشتري لوازمي الشخصية للعرس، ولما بعثت له هذه الأشياء مع زوج أختي بعث لي رسالة على الهاتف، وقال: لا تتصلي بي مرة ثانية، واذهبي وابحثي عن زوج آخر. ومرت 20 يومًا على هذه الرسالة.
هل بهذه الرسالة أعتبر أنه طلقني أم أنه لم يقع الطلاق بعد؟ وهل فسخ عقد الفاتحة يستلزم حضور الإمام والشهود مرة أخرى؟ علما أنني الآن في الجزائر، وهو مقيم في فرنسا. وهل أعتبر مذنبة لأني لم أذهب معه وقلت له: ننتظر إتمام العقد المدني؟ لأن كذلك أهلي رفضوا ذلك.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس في الشرع ما يسمى بعقد الفاتحة، ولكن الزواج ينعقد بالإيجاب والقبول بين الولي -أو وكيله- والزوج -أو وكيله- في حضور شاهدين، وانظري الفتوى رقم: 5962.
وعليه؛ فما دام العقد تم على النحو المذكور فهو صحيح، والطلاق يحصل بتلفظ الزوج بالطلاق صريحًا أو كناية مع النية، ولا حاجة لإمام ولا شهود، وقول الزوج في الرسالة التي بعثها إليك: "اذهبي وابحثي عن زوج" كناية ظاهرة في الطلاق؛ قال الحجاوي الحنبلي -رحمه الله- ممثلًا للكنايات الظاهرة: " ..... وتزوجي من شئت، وحللت للأزواج، ولا سبيل لي عليك، ولا سلطان لي عليك" الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 11)، وكتابة كناية الطلاق إذا نوى بها الزوج الطلاق وقع، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 93555.
وقرينة الخصومة تقوم مقام نية الطلاق، إلا إذا قال إنه لم ينو الطلاق بتلك العبارة فلا يقع طلاقه ديانة؛ قال ابن قدامة -رحمه الله-: "ولو أراد بالكناية حال الغضب، أو سؤال الطلاق غير الطلاق، لم يقع الطلاق؛ لأنه لو أراده بالصريح لم يقع، فبالكناية أولى. وإذا ادعى ذلك ديّن" المغني لابن قدامة (7/ 390).
فتحتاجين إلى معرفة نية الزوج بما كتبه؛ فإن كان نوى الطلاق، فقد بنت منه؛ لأن الطلاق قبل الدخول يقع بائنًا، ولا ترجعين إليه إلا بعقد جديد، وإن لم يكن نوى الطلاق فأنت زوجته.
واعلمي أنه لم يكن يلزمك طاعة زوجك في المبيت معه في بيته؛ لأنّ طلب الإمهال حتى كتابة العقد المدني سائغ، ولا سيما إذا كانت المدة قصيرة، قال الحجاوي الحنبلي -رحمه الله-:"وإذا تم العقد لزم تسليم الحرة التي يوطأ مثلها في بيت الزوج إن طلبه ولم تشترط دارها أو بلدها، وإذا استمهل أحدهما أمهل العادة وجوبًا" زاد المستقنع في اختصار المقنع (ص: 172).
والله أعلم.