السؤال
أنا فتاة متزوجة منذ أربعة أشهر، في بلد بعيد عن أهلي، وأسكن مع أهل زوجي، ورأيت خلال هذه الفترة العذاب من أهل زوجي، من المنع من خدمة الزوج، والنوم معه، وغيرها الكثير، وهو يطيع أمّه طاعة عمياء؛ حتى كرهت هذه الحياة، وقرّرت السفر إلى الأهل، بعد التظاهر بأني مريضة مرضًا لا دواء له، إلا في تلك الدولة، وأنا مسافرة منذ شهر، ولم يسأل عني، فلو أجبرني الزوج على السفر، فهل عليّ أن أسافر وأنا مكرهة؟ وهل عليه طاعة أمّه إذا أمرته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الأخت الكريمة ننصحها بتقوى الله تعالى، والصبر، ومعالجة الأمور بالحكمة، وأن تدفع السيئة بالحسنة، كما أوصى الله تعالى بذلك، حيث قال: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34].
فإن اتقيت الله تعالى، وصبرت، وعالجت أمرك هذا بحكمة، فستجدين حلًّا له -بإذن الله تعالى-، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه سلم قال: ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثًا، فاحفظوه: ما نقص مال من صدقة، وما ظلم عبد مظلمة، فصبر عليها، إلا زاده الله تعالى عزًّا، ولا فتح عبد باب مسألة، إلا فتح الله عليه باب فقر. أخرجه الترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه السيوطي.
والشاهد فيه أن العبد إذا ظلم مظلمة، فصبر، زاده الله تعالى عزًّا، ورفعة.
وينبغي لهذه الأخت أن تتحاور مع زوجها حوارًا هادئًا، وتعرف ماذا ينقم أهل زوجها عليها، فيمكن أن تكون مخطئة في حقهم، فتتراجع عن الخطأ، ويصلح بسبب ذلك ما بينهم.
وكذلك ننصح زوجها بأن يتقي الله سبحانه وتعالى فيها، وأن يحفظ وصية النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: استوصوا بالنساء... كما في صحيح البخاري. ويقول أيضًا: اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله... كما في صحيح مسلم.
فعليه أن يعدل بين أهله وزوجته، ويمنع كلًّا منهم من ظلم الآخر.
كما ننصح أهل الزوج بأن يتقوا الله تعالى، ويخافوا يوم الحساب، يوم يفر المرء من أخيه، وأمّه، وأبيه، وصاحبته، وبنيه، فإذا اتقى الجميع الله تعالى، وخافوه، انحلّت مشاكلهم جميعًا.
وإذا تعذر ذلك كله، ولم تطق الأخت السكنى مع أهل زوجها، فلها شرعًا أن تطلب من زوجها سكنًا مستقلًّا، كما هو مبين في الفتوى: 6418.
ومن حقها الامتناع عن السفر معه؛ حتى يوفر لها السكن، ولا تعدّ بذلك ناشزة.
وإن تركها، ولم يسأل عنها، عدّ مضارًّا لزوجته، وتلزمه النفقة.
ولها أن تطلب من القضاء إلزامه بحقوقها، أو يطلقها، وإن كان الأولى للأخت أن تصبر، وتحتسب، والله لن يضيعها.
والله أعلم.