الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آفات تجدد الحزن والنواح على الميت

السؤال

أود أن أطرح عليكم قضية لها مدة من الوقت فعسى أن أجد عندكم الحل لها إن شاء الله.
كانت لي ابنة خال ذات عقل وأدب وجمال, وكان الجميع يشهد لها بذلك, وتفوقت في الجامعة, وعملت مع شركات مرفوعة وترقت في منصبها, وتزوجت زوجا صالحا، كانت امرأة خالي (أي أم الفتاة),متعلقة بابنتها تعلقا شديدا, وتحبها حبا جما, وقد كانت ابنتها هذه, أختا لأربعة إخوة وأختين أخريين, إلا أن هذه كانت الأصغر سنا والأكثر مرحا، وللأسف وكما هو معروف فإن الدنيا لا تدوم على حال, تعرضت ابنة خالي التي حدثتكم عنها, لحادث سيارة مؤسف, ماتت إثر هذا الحادث, وقد كانت بعمر 27 عاما, وكانت حاملا بطفلها الأول, ومات الجنين طبعا.
بعد هذه الحادثة, انقلبت حال امرأة خالي 180 درجة, وأصبحت شديدة الحزن والكآبة وتندب وتنوح, قد مضى على وفاة ابنة خالي عام كامل تقريبا, ولا تزال امرأة خالي في حزن إلى اليوم, وتدهورت حالتها الصحية كثيرا, حاولنا مواساتها كثيرا وتذكيرها أن الموت قضاء سيقع قريبا كان أم بعيدا, وأن هذا قضاء الله وقدره، وقلنا لها إن ابنتها ستكون في الجنان إن شاء الله, خاصة أنها كانت حاملا بطفلها في بطنها ومات هو الآخر، وغير ذلك من المحاولات, وكلها باءت بالفشل.
سمعت حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (النائحة إن لم تتب, ألبسها سربالا من جرب يوم القيامة).
أنا أعلم بأمر هذا الحديث, ولكني لم أحدثها به, فأخشى أن تزيد حالتها سوءا وتظنني لا أهتم لأمر ابنتها رحمها الله أو أنني لا أهتم لحالها الكئيبة
فما هو الحل لهذه المشكلة التي مضى عليها الكثير من الوقت, ولا تزال امرأة خالي تندب وتنتحب وتقول إن ابنتها ماتت من العين والحسد وغير ذلك كثير, وتستمر بذكر المواقف الجميلة لابنتها وتحزن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لهذه الأخت وأن يرزقها الجنان ويرفع درجاتها فيها ويكتب لها أجر الشهداء، إن ربنا قريب مجيب.

واستمرار هذه المرأة في النحيب وندب ابنتها لا شك في كونه منكرا عظيما، وسبق بيان ذلك في كثير من الفتاوى نحيلك منها على الفتوى رقم: 20439، والفتوى رقم: 95228، ومن نعمة الله تعالى أنه جعل النسيان لئلا تتجدد على المرء الأحزان، ففعلها عكس مقصود الشارع، قال الشيخ ابن عثيمين في إجابة سؤال عما يسمى بأربعينية الميت: أما بالنسبة لزيارة القبور بعد أربعين يوماً: فهذا لا أصل له، بل للإنسان أن يزور قريبه من ثاني يوم دفنه، ولكن لا ينبغي للإنسان إذا مات له الميت أن يعلق قلبه به وأن يكثر من التردد على قبره، لأن هذا يجدد له الأحزان وينسيه ذكر الله ـ عز وجل ـ ويجعل أكبر همه أن يكون عند هذا القبر، وربما يبتلى بالوساوس والأفكار السيئة والخرافات. اهـ.
وأمر العين أو الحسد وارد في هذا الحادث الذي حصل لابنتها، ولكن ماذا يفيد الكلام في قدر قد نفذ، والسخط لا يرد فائتا، بل يكون وبالا على صاحبه، روى الترمذي عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
فننصح بالاستمرار في نصح هذه المرأة وتذكيرها بالله تعالى، ولتذكر لها نصوص الوعيد من نحو الحديث الذي أشرت إليه بالسؤال، ولا يلتفت لكونها قد تفهم من ذلك كذا أو كذا، ولكن الأولى أن يبذل لها النصح فضلاء الناس ومن لهم وجاهة عندها من العلماء ونحوهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني