السؤال
أريد أن أصبح عابدا وزاهدا وشهيدا، وأبي يقول إنه لن يسجلني في التحفيظ ولا الجهاد، ونحن في بلاد الكفر، وقد عشت في بلاد الحرمين عدة سنوات لطلب العلم، لكنني وقعت في الذنوب، مما يشمئز منه القلب، وأستعمل أدوية نفسية، وأعاني من الخمول والكسل والتخلف عن الواجبات، والناس يظنون بي الصلاح، وأنسيت القرآن، فهل يمكنني أن أصبح عابدا وشهيدا؟ وليس في بلادنا عالم ورع يوثق في علمه، وسبق لي أن حفظت القرآن كاملا، وتعلمت اللغة العربية دون مدرس، لكن مع مرضي النفسي لا أجد من يتعاون معي على البر والتقوى وأندم على أنني لم أبلغ المنازل العليا من التقوى، ولا أتسطيع مراجعة القرآن، مع علمي أن ذلك من الكبائر، فهل هذا توبة؟ وبماذا ترشدني؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نرشدك إليه أولا هو أن تجتهد في التداوي وعلاج هذا الداء الذي ألم بك، ثم اعلم وفقك الله أنه لا إثم عليك في نسيان القرآن إذا كان ذلك بغير اختيارك وإرادتك، بل كان ناشئا عن هذا المرض النفسي الذي تعاني منه، ومع هذا فننصحك بمجاهدة نفسك والاجتهاد في المراجعة، وليكن لديك مزيد من الإصرار والعزيمة على قهر هذا المرض والتغلب عليه، وأحسن ظنك بربك تعالى، فهو على كل شيء قدير، وهو سبحانه المسؤول أن ينيلك ما تتمنى من مراتب الزهاد والعباد والشهداء، واستعن على ذلك بكثرة الدعاء والابتهال لله تعالى، فإن الخير بيده وحده لا شريك له، واعلم أن الخير الذي يقعدك عنه مرضك ويحول بينك وبينه ما تعاني منه بحيث لو أمكنك لفعلته، فإنك تثاب على نيتك الصالحة: ومن سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم من حديث سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه.
فأحسن ظنك بربك تعالى واجتهد في فعل ما تقدر عليه من العبادات وجاهد نفسك حتى تشفى من هذا المرض مستعينا على ذلك بمراجعة الأطباء الثقات، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.