السؤال
أثناء مروري بتقاطع مروري صدم شخص بسيارته سيارتي, فنزل من السيارة ووجه لي السباب, وقام بقذف أمي, عدت إلى البيت والموقف يؤلمني, ومع ذلك عفوت عنه دون أن أعلمه, وأنا الآن أحس بالظلم الشديد والموقف يؤثر عليّ سلبًا، فأريد أن أدعو عليه.
السؤال: هل العفو الصادر مني صحيح على الرغم أن أمي هي المقذوفة؟ وهل يجوز الرجوع عنه خصوصًا في مسائل القذف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح أخلاق المسلمين.
وأما بخصوص العفو: فلك أن تعفو عن حق نفسك، وأما قذف والدتك: فهو حقها، وهي التي تملك التسامح فيه؛ فإن كنت عفوت فالعفو حاصل عن ما لحقك من السب، وأما ما حصل من قذفها فلم يتناوله العفو؛ لأنك لا تملكه.
وعليه؛ فلا تحتاج إلى رجوع عن المسامحة والعفو؛ جاء في الروض المربع: (ويسقط حد القذف بالعفو) أي: عفو المقذوف عن القاذف.
(ولا يستوفى) حد القذف (بدون الطلب) أي: طلب المقذوف؛ لأنه حقه، كما تقدم، ولذلك لو قال المكلف: اقذفني. فقذفه، لم يحد، وعزر، وإن مات المقذوف ولم يطالب به سقط، وإلا فلجميع الورثة ولو عفا بعضهم حد للباقي كاملًا، ومن قذف ميتًا حد بطلب وارث محصن. انتهى.
والشاهد قوله: لأنه حقه، وقوله: ولو عفا بعضهم حد للباقي كاملًا؛ فدل على أن عفو الوارث لا يسقط حق غيره، وبالأولى لو كان في حياة المقذوف.
علق ابن قاسم في الحاشية على أول فقرة: ويبقى ما كان لله، فيعزر بما يردعه عن التمادي في القذف المحرم، المتوعد عليه باللعن، والعذاب الأليم. انتهى.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 114923.
ومن حق والدتك أن تعفو أو تمتنع من العفو، وانظر الفتوى رقم: 140952.
وأما رجوعك عن العفو عن حقك: فقد بينا حكمه بالفتوى رقم: 287413.
والله أعلم.