السؤال
كنت أريد علاجا للحسد لكن يكون علاجا جذريا، يعني أنا أسمع رقية شرعية، وأدهن بزيت زيتون مقروء عليه قرآنا، وأستحم بماء مقروء عليه قرآنا وفيه مسك، وكيف الأخذ من أثر العائن الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
كنت أريد علاجا للحسد لكن يكون علاجا جذريا، يعني أنا أسمع رقية شرعية، وأدهن بزيت زيتون مقروء عليه قرآنا، وأستحم بماء مقروء عليه قرآنا وفيه مسك، وكيف الأخذ من أثر العائن الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان من أنجع الوسائل للوقاية من الحسد الالتزام بالطاعات والمواظبة على التعوذات، وسؤال الله العافية صباحا ومساء، ومن أهم ذلك قراءة سورة قل هو الله أحد، والمعوذتين. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. رواه أبو داود.
ويشرع للمصاب ان يستعمل الرقية الشرعية فيرقي أو يسترقي من جرب نفعه من الرقاة المتمسكين بالسنة.
وأما عن العائن اذا عرف فالمعروف من الهدي النبوي أنه يطلب منه الاغتسال، وعليه أن يستجيب لما طلب منه، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين... رواه أبو داود. قال النووي في الأذكار: بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم. وصححه الألباني.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا. رواه مسلم. أي إذا طلب من أصابته العين أن يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. النهاية في غريب الأثر.
قال النووي في المجموع: الاستغسال أن يقال للعائن ـ وهو الناظر بعينه بالاستحسان ـ اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد بماء، ثم يصب ذلك الماء على المعين، وهو المنظور إليه.
وقال العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب: وظاهره أنه على سبيل الوجوب.
وعن أبي أمامة سهل بن حنيف أنه قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة (يعني من شدة بياضه) فلبط (أي صرع وسقط على الأرض) سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه، فقال: هل تتهمون له أحداً؟ قالوا: نتهم عامر بن ربيعة. قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بركت، اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس. رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني... قال الباجي في شرح الموطأ: قوله صلى الله عليه وسلم: هل تتهمون له أحداً، يريد أن يكون أحد أصابه بالعين. انتهى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث دليل على أن العائن يجبر على الاغتسال للمعين. وفيه أن النشرة وشبهها لا بأس بها، وقد ينتفع بها.
وقال ابن حجر في فتح الباري: أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك فيه إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوما بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وحكى المازري فيه خلافا وصحح الوجوب وقال: متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى. انتهى.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فيه من الفقه أنه إذا عرف العائن أنه يقضى عليه بالوضوء لأمر النبى عليه السلام بذلك وأنها نشرة ينتفع بها. اهـ
وقال علاء الدين الطرابلسي في معين الحكام: قال بعض علماء الحديث وغيرهم: فإن امتنع من الوضوء قضي عليه إذا خشي على المعيون الهلاك، وكان وضوء العائن يبرئ عادة ولم يزل الهلاك عنه إلا بهذا الوضوء، لأنه من باب إحياء النفس كبذل الطعام عند المجاعة، وقال بعضهم: يجبر على الوضوء إن امتنع منه، وإن أباه أمر أن يفعله بالأدب الوجيع حتى يفعله بنفسه، ولا يفعله غيره به عند امتناعه فإن الشفاء منوط بفعله، كما أن المرض النازل كان بسببه فلا يندفع ما نزل إلا بفعله. انتهى.
وأما ما يذكر بعض الناس من أخذ شيء من أثر العائن ووضعه في ماء واغتسال المعين به، فهذا أمر لا تعرف منفعته من طريق الشرع، ولا من طريق العقل، قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى: أما الأخذ من فضلات العائن العائدة من بوله أو غائطه، فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره، ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه. اهـ
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني