الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل على الزاني حقوق لمن زنى بها لتصح توبته

السؤال

أنا طبيب عندي 33 سنة، تعرفت على ممرضة وتعلقت بها، وعرضت على والدي ووالدتي رغبتي في الزواج منها، فكان رفضهما قاطعا، فأبلغتها رفض أهلي، وانسحبت مع ملاحظة أنني حاولت إنهاء علاقتي بها مرارا لتوقعي رفض أهلي، فكانت تلاحقني في كل مرة بدعوى الحب، وكان ضعفي أمامها يتكرر في كل مرة، وبعد رفض أهلي في المرة الأخيرة تطورت علاقتي بها حتى اختليت بها، وكان بيننا ما كان إلا الإيلاج، وتكرر ذلك حتى حملت من غير أن تفض بكارتها، وعندها رجعت إلى أهلي ليقبلوا بزواجي منها خاصة أنها رفضت التخلص من الحمل حتى أقوم بخطبتها، فكان رد أهلي أشد قسوة بعد أن قبلت قدم أمي أن تقبل بزواجي منها، فقالت لي غضبي عليك إن تزوجتها، وقاطعني إخوتي، بل إن منهم من أقسم أن لا يدخل لي بيتا، وأصبحت في وضع بائس بكل المقاييس، فعلمي أن أهلها لو اكتشفوا حملها فستقتل على وجه التأكيد، ورفض والدي ووالدتي ومقاطعة... مع عدم قدرتي المادية على الزواج من غير دعمهم، هذا إن قبل أهلها بزواجي منها من غير وجود أهلي. كل هذا جعلني أفكر في ضرورة التخلص من هذا الحمل تفاديا لفضيحة مدوية ناهيك عن قتلها المؤكد إن اكتشف أمرها، وأقنعتها بذلك بعد أن أخذت مني العهود أنني لن أتركها، فتخلصت من حملها وفقدت بكارتها، ومرت عدة أشهر وأنا أؤجل مواجهة المشكلة محاولا استدراك تأخري في دراستي ومجتهدا في عملي علني أستقل ماديا، فأوشكت على إنهاء الماجستير، ولكن تفاقمت مشكلتي المادية وتراكمت ديوني حتى اقترضت من إخوتي لسدادها، واليوم زاد إلحاح الفتاة لأتقدم لخطبتها، فهناك من تقدم لخطبتها وأهلها مصممون على تزويجها إياه، خاصة أنها رفضت الكثير، وهي الآن تواجه شبح الفضيحة مرة أخرى، فكلمت أهلي مرة أخرى على استحياء فرفضهم لأسباب منطقية فهي ليست بذاك الجمال أو النسب ناهيك عن والدتي التي أشهرت غضبها سلاحا لردعي، ووالدي الذي يراني اليوم مسحورا لابد من علاجي، ورفض أهلها المؤكد إن تقدمت لها من غير أهلي، فأبلغتها برفضهم مرة أخرى وبقلة حيلتي في ذلك، فوقعت في كبدي من جديد، فأنا في نظرها مسؤول عما حدث لها وملزم بالستر عليها، وهي الآن مهددة بفضيحة أخرى قد تؤدي لقتلها أيضا، وأنا الآن في حيرة وإحساس بالضياع، ففكرت في أن أخبر والدي عله يتفهم إصراري، ولكنني أشفقت أن أفجعه وآثرت ألا أهتك ستر الله عليها وعلي، فماذا أفعل جزاكم الله خيرا؟ وهل لها حق عندي لا تكتمل التوبة إلا برده؟ وإن كان فكيف لي أن أرده؟ وهل يجوز لها أن تقوم بعملية ترقيع البكارة خوفا عليها من القتل ناهيك عن الفضيحة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك وعلى هذه الفتاة المبادرة إلى التوبة من الزنا، والحذر من كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفتنة بينكما، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

ولا تعتبر ظالما لها إن فعلت ما فعلت معك مطاوعة غير مكرهة، يدل على ذلك أن المرأة المطاوعة في الزنا لم يوجب الفقهاء لها على الزاني شيئا بخلاف المكرهة، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 198321.

ويجب عليك وعليها الستر على النفس، وعدم إخبار أحد بما وقعتما فيه من ذنب، فالمجاهرة بالذنب ذنب آخر، فيجب الحذر من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 33442.

وترقيع غشاء البكارة الأصل فيه أنه محرم، فلا يجوز المصير إليه إلا لضرورة؛ كأن يغلب على الظن أن تقتل الفتاة بسبب ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 49021، وقد أوضحنا فيها أن المعتبر الضرر المحقق لا المتوهم.

ويمكن للفتاة إذا اطلع أحد على زوال بكارتها أن تستخدم المعاريض كأن تنفي أنها زنت، تعني بعد التوبة. أو أن تخبر أن البكارة تزول بأسباب غير الزنا، وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 37533.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني