الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يتهم زوجته بالزنا ويقول لأولاده: لستم أولادي.. أحكام وإرشادات

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ عشر سنوات، وقد عشت قبل زواجي سنوات شديدة في بيت أبي بسبب أنه منذ صغري أنا وإخوتي دائمًا يرمي أمي بالزنا، وهي بشهادة كل من يعرفها عفيفة طاهرة محصنة، وكانت تصبر على أذاه دائمًا حتى لا تهدم البيت، ولأنها ليس لها من تذهب تقيم عنده من أهلها، وبالتالي؛ صبرت سنوات على سنوات تبكي وتدعو الله حتى أكرمنا الله أنا وأخي وأختي وتزوجنا وسافرنا إلى بلاد الحرمين، فأردنا أن نعوضها، وبدأنا نعمل لها زيارات ونجددها حتى لا تذهب عند أبي الذي ما زال يقذفها، بل زاد في اتهاماته ويقول لها: "أنت تنامين مع أختك ومع جارتنا"، وكلامًا لا يصح مطلقًا، وعند ما وجدناه حزينًا لأننا لا نأتي به عملت له أختي زيارة، وجاء وظل هنا ثلاثة أشهر عند أختي في مكة أذاقنا فيها الويلات، ومرت وسافروا، ثم جئنا بأمي مرة أخرى فغضب علينا، ويشتكي منا لكل من يقابله، ووجدنا أخيرًا عمتي (أخته) تتصل على أمي وتقول لها ارجعي على شقة بنتك لأن زوجك لن يفتح لك الباب لأنه شاهدك في أوضاع خطأ مع جارتك.
أنا الآن أكلمه بصورة عادية جدًّا هاتفيًّا حتى لا يغضب عليّ، لكن أختي لا تكلمه لأنه فضح أمي أمام زوجها بكلام أمي منه بريئة، وبالتالي؛ ضرّ أختي وزوجها، وأيضًا طرد زوجة أخي المسافر من بيته لأنها كانت مقيمة عنده لأن أخي لا يستطيع حتى الآن توفير سكن لها ولأولاده.
السؤال الآن: ماذا نفعل؟ أمي عادت لمصر وجاءوا بأناس للإصلاح، وهو يقول نفس الكلام أمام أقاربنا وجيراننا بدون بينة، وأمي تعبت جدًّا، وما عادت تتحمل، ولكن ليس لها سكن آخر، وهل واجب علينا برّه مع قوله لنا دائمًا: "أنتم لستم أولادي"؟!
نحن الآن في كرب شديد، ولا نستطيع عمل شيء، وعنده من العمر 65 سنة.
الكارثة أن أخته أيضًا بدأت تقول مثله، فماذا نقول لها؟ وماذا نفعل معه؟ وهل أمي بهجرانها لفراش الزوجية تعتبر ناشزًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن أبيك أمورًا منكرة وخطيرة، ومنها: اتهامه أمكم بالزنا؛ فإن لم يكن له بينة على ذلك فهو قاذف لها، والقذف كبيرة من كبائر الذنوب ورد بشأنه الوعيد الشديد في الدنيا والاخرة، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 93577، والفتوى رقم 67746.

هذا من جانب، ومن جانب آخر قوله لأولاده: "لستم أولادي"؛ فإن كان يقصد به نفي نسبهم فهذا إثم عظيم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31446، ومنها يعلم ضوابط نفي النسب في حال وجود ما يقتضي ذلك.

ومع كل هذا؛ فإن برّكم بأبيكم ثابت لا تسقطه عنكم إساءته، فيجب عليكم بره والإحسان إليه مهما أساء، ومن أعظم الإحسان إليه بذل النصح له بالحسنى مع الدعاء بأن يلهمه الله تعالى الرشد وسلوك سبيل الصواب. وانظري الفتوى رقم: 299887.

وكذلك الحال بالنسبة لعمتكم إن سلكت مثل هذا السبيل -نعني الطعن والاتهام كذبًا- فينبغي نصحها أيضًا وتخويفها بالله تعالى.

ويجب على أمكم طاعته في المعروف؛ فإن هذا من مقتضى قوامته عليها، فلا يجوز لها هجره في الفراش ولو كان ظالمًا لها، فلتؤدّ إليه حقه وتسأل الله حقها، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن لها الامتناع عن إجابته إن كان ظالمًا لها، وللمزيد يمكن مطالعة الفتوى رقم: 129984. وينبغي على كل حال أن لا تلجأ الزوجة لذلك إلا إذا علمت رجحان المصلحة فيه.

وإذا استمر أبوكم على هذا الحال في التعامل مع أمكم، ولم يُجدِ نصحه، فمن حقها أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، ولكن لا يلزمها أن تفعل، فإن لم يتبين لها رجحان مصلحة الفراق فلتصبر ولتدع له بالصلاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني