الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمساك على الزوجة التي تقارف بعض المنكرات

السؤال

أنا تزوجت منذ سنتين ونصف، وقبل ذلك كانت زوجتي تحب رجلًا آخر، ولكن أبوها زوّجها لي بغير إخبار عنها، وبعد مرور الزمن بدأت العلاقة مع الرجل: بالاتصال به في حالة غيابي عن البيت، وعندما عرفت هذا بلّغت أبيها، ثم توقّفت، وقد حدث هذا عدة مرات في حياتي إلى الآن، وكلما حدث هذا فهي تطلب الطلاق بتحير، وبلا معرفة، وكلما حدث ذلك الأمر سامحتها، ولم أطلّقها لأني أحبها، ولا أخبرت عنها أسرتي، وهي عمرها 22، ومتحجّبة لأن أسرتها أسرة دينية، ومزاجها أن تكون مثل البنات العاديات، أي تحب أن تستعمل الفيسبوك، وتتراسل فيه مع الشباب والبنات، وأن ترى الأفلام، والأغاني، وبعد علمي عنها بذلك لا أريد أن أعطيها جوالًا، ولكنها تشتري جوالًا بغير علمي، ومرة اشترته ببيع بعض المجوهرات، ومرتين لا أعرف كيف اشترته، ولكني أحبها جدًّا، وأخذتها إلى دولتين للسياحة، واشتريت لها ما تريد، وأحيانًا هي تحبني، ولكني لا أعرف هل هو تمثيل أم حقيقة؟ المهم عندنا الآن ابن عمره سنة كاملة، وفي الأخير أريد أن أقول لكم: أنا الآن في خارج البلاد، وهي مع ابني في بيت أمي، ويسكن هؤلاء الثلاثة معًا، فبينما هي تستعمل جوالًا جديدًا سرًّا رأتها أمي، فأخذته، ولا يعرف أحد لأي شيء كانت تستعمله، ولا أظنها استخدمته لعلاقة قديمة، بل لعلاقة جديدة، أو لرؤية الأفلام، وقالت زوجتي: لا أريد أن أعيش معكم، وأريد الذهاب إلى بيتي -أي من بيت أمي إلى بيت أمها- ولكن أمي قالت: نحن نسامحك هذه المرة من أجل ابني، ولكنها رفضت، وكانت عصبية، وقالت لأمي: لو اتصلت على أخي لكي يأخذني إلى بيتي، وإلا فانا سأذهب وحدى مع ابني، ثم جاء أخوها وهو أيضًا نصحها فرفضت، أخيرًا قالت أمي لها: لو أنت خرجت الحين، فلا رجوع لك أبدًا إلى هنا، فنحن نعطيك طلاقًا بائنًا، ولكنها لم تعتبرها، وذهبت مع أخيها وابني معها، فالآن أمي تطلب مني أن أطلقها؛ حتى لا ترجع أبدًا إلى بيتنا، وسؤالي: ما هو الحل؟ وكيف أترك ابني فأنا لا أستطيع أن أفارقه؟ وكيف أتعامل معهما -أي أمي وزوجتي-؟ أريد نصيحتكم، وهل عليّ نفقة لزوجتي، وابني الآن، أم لابني فقط؟ ولو عليّ نفقة فإلى متى تستمر؟ وهل أطلقها أم أعيش معها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك غير واضح بسبب الصياغة غير الصحيحة.

لكن على أية حال؛ فإنّ الأم إذا أمرت ولدها بفراق زوجته، فلا تلزمه طاعتها في ذلك، قال ابن مفلح: وَنَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ إذَا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ بِالطَّلَاقِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُطَلِّقَ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْأَبِ. وَنَصَّ أَحْمَدَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ لِأَمْرِ أُمِّهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ الْأَبُ بِالطَّلَاقِ طَلَّقَ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَقَوْلُ أَحْمَدَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ لَا يُعْجِبُنِي كَذَا هَلْ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ أَوْ الْكَرَاهَةَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ تَأْمُرُهُ أُمُّهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، قَالَ؛ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبَرَّهَا، وَلَيْسَ تَطْلِيقُ امْرَأَتِهِ مِنْ بِرِّهَا. الآداب الشرعية لابن مفلح.

وبخصوص النفقة على زوجتك، وولدك، فاعلم أنّ نفقة ولدك تلزمك ما دام محتاجًا للنفقة، ولا تسقط حتى يستغني بمال، أو كسب، وراجع الفتوى رقم: 66857، ونفقة زوجتك تلزمك ما دامت في عصمتك ما لم تكن ناشزًا.

وإذا كانت خرجت من البيت رغم نهيك لها عن الخروج، فهي ناشز، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: إذا كان زوجها حاضرًا فلا يجوز لها أن تخرج إلا بإذنه، وإذا كان غائبًا فلها أن تخرج ما لم يمنعها، ويقول لها: لا تخرجي، فإذا منعها فله الحق. انتهى . "فتاوى نور على الدرب" – لابن عثيمين (10/298).

والواجب عليك أن تقوم بواجب القوامة، فتمنع زوجتك من المنكرات، وتسدّ أبواب الفتن، قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد... تفسير السعدي - (1 / 177)

فإن تابت زوجتك، واستقامت، ولم تظهر منها ريبة، فالأولى أن تمسكها، ولا تطلقها، وأما إذا ظهرت منها ريبة، فلا ينبغي لك إمساكها، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ عند كلامه على أقسام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها؛ وذلك لأن فيه نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه... ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب. المغني - (8 / 235).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني