الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الزوجة أو تطليقها لاكتشاف سواد بشرتها بعد إزالة المكياج

السؤال

أنا شاب تقدمت لخطبة فتاة, ونظرت إليها النظرة الشرعية فأعجبتني، وبعد 3 أشهر من الخطبة تم إشهار الزواج ودخلت بها، لكن قبل الدخول بأسبوع، وبعد 5 أشهر من الزواج أصابني السحر، وشفيت منه ولله الحمد، ثم بعد ذلك أردت أن أجامع زوجتي فتبين لي أن بشرتها سمراء، وأن المكياج كان يغطي هذا السواد، واكتشفت أنها كانت في فترة الخطبة تلبس بنطالين شفافين ـ فيزون ـ اﻷسفل لونه أبيض، والظاهر لونه أسود من أجل أن أراها جميلة، والآن مضى 10 أشهر على الزواج، والجماع بيني وبينها لا يتجاوز عشر مرات، وكنت أجامعها من غير رغبة، ومنذ 5 أشهر لم أجامعها، ولم أعد أرغب فيها بسبب عيبها الوحيد وهو أنها سمراء البشرة، وهذا العيب أشعر أنه يسبب لي خللا في حياتي الزوجية بشكل كامل، وعندي رغبة جنسية شديدة، وأحيانا ألجأ للاستمناء، وهي تطلب مني أن أجامعها فلا أوافق، وتريد اﻹنجاب وأخفي عنها سبب عدم الجماع لمشاعرها ولقربها مني، فهي من بنات العمومة، ووضعي المادي لا يسمح لي بالزواج ولا بالطلاق فمهرها 10.000 دينار أردني، فما حكم الاستمناء في هذه الحالة؟ وهل علي إثم إذا لم أجامعها وهي تطلب أن تنجب مني؟ وهل علي إثم أم عليها؟ أتمنى لي ثم لها الموت إن كان فيه الخير، لأنني لم أجد حلا، فما حكم هذا التمني؟ وهل يعتبر وضعها للمكياج ولبسها البنطالين أثناء فترة الخطبة من باب التغرير؟ أريد منكم توجيها ونصيحة وإرشادا، فلا يعلم الضيق الذي بي إلا الله، ولا أعلم ماذا أفعل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستمناء محرم، وله أضراره على المسلم في دينه ودنياه، كما سبق وأن نبهنا على ذلك في الفتوى رقم: 7170.

فلا تجوز ممارسة هذه العادة السيئة إلا لضرورة، ولست في حالة ضرورة، فأنت لك زوجة، وفي حاجة إلى حل هذا المشكل النفسي فقط، وهو ميسور ـ بإذن الله ـ ومادامت هذه المرأة في عصمتك، فالواجب عليك أداء حقوقها، ومن أعظم حقوقها الوطء، وهو واجب للزوجة على زوجها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 29158.

فإن لم تجامعها مع قدرتك ورغبتها فأنت آثم، ولا يظهر وجه لتأثيمها هي، وكذلك الإنجاب حق لها لا يجوز لك منعها منه لغير سبب مشروع، قال ابن قدامة في المغني وهو يعلل المنع من العزل بغير إذن الزوجة: ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر، فلم يجز إلا بإذنها. اهـ.

ولا يجوز لك تمني الموت لا لك ولا لها، والأمر أهون من أن يدعو لكل هذا، فإن لم تطق العيش معها فيسعك فراقها ، ولكننا لا ننصحك بالتعجل للطلاق، بل تريث وتذكر أن الله عز وجل قد يبارك لك فيها، ويرزقك منها ذرية طيبة، وفي نهاية المطاف إن ضاقت بها نفسك واستحالت العشرة بينكما ففراقها قبل الإنجاب منها أهون، فطلقها، فالطلاق قد تترجح مصلحته أحيانا، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وبعد الفراق عسى الله أن يغني كلا منكما من فضله، ويجعلكما في سعة وصلاح حال، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

قال القرطبي عند تفسيره هذه الآية: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

ووضعها المكياج ولبسها البنطال قد لا يكون قصدها به التغرير والخداع، وقد لا يكون ذلك ورد على بالها أصلا، وعلى فرض ذلك، فليس هذا من العيوب التي توجب الفسخ عند جمهور الفقهاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني