السؤال
ما صحة هذه المقولة.
يقول بعض الصالحين الذين سمعوا ممن سمع عن الحبيب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما معناه: إنك إذا ما أقبلت على شربة ماء، فقسمتها ثلاثاً: اشرب أول جرعة، وقل: بسم الله واشربها، ثم انته من الجرعة، وقل: الحمد لله، وابدأ الجرعة الثانية، وقل: بسم الله واشربها، وانته منها، وقل الحمد لله، واختم بالثالثة، وقل: بسم الله، وانته منها، وقل الحمد لله، ولن تحدثك ذرة من نفسك بمعصية لله، بسبب الأثر الصالح، وليجرب كل منا ذلك في حياته، ولسوف يجد نفسه لا تميل أبداً إلى معصية الحق. لماذا؟ لأنك استقبلت النعمة بذكر المنعم، ونفضت عن نفسك حولك، وقوتك في كل شيء. وإذا سألت: ولماذا الماء؟ هناك نقول: إن الماء يشيع في الجسم كله.
أفيدونا بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمسلم أن يشرب على ثلاث مرات، يسمي في كل مرة، ويحمد الله بعدها؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فمه سمى الله تعالى، وإذا أخره حمد الله تعالى، يفعل ذلك ثلاث مرات. أخرجه الطبراني، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة: حسن صحيح.
قال المناوي في فيض القدير: كان يشرب ثلاثة أنفاس، يسمي الله في أوله، ويحمد الله في آخره؛ أي يسميه في ابتداء الثلاث، ويحمده في انتهائها. انتهى.
وقال السفاريني في غذاء الألباب: وَصِفَةُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّق: أَنْ تَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ، ثُمَّ تُبِينَ الْإِنَاءَ عَنْ فِيك، وَتَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَتَتَنَفَّسَ خَارِجَهُ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ تَفْعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ كَذَلِكَ. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ في ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ في أَوَائِلِهَا، وَبِالْحَمْدِ في أَوَاخِرِهَا. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ينحيه عن فيه مع الحمد لله، ويرده إلى فيه مع التسمية، فيتنفس ثلاثا، يحمد الله في آخر كل نفس، ويسمي الله في أوله. انتهى.
وإذا فعل العبد ذلك، فقد قام بالسنة في هذا الباب، والسنة كلها خير وبركة، فيُرجى أن يوفقه الله، ولا تتحرك ذراته إلى معصية، وإن تحركت دافعها وجاهد شهواته، وأما أن يكون هذا ملازما لمن فعل ذلك، فلا يعصي أبدا، فنخشى أن يكون من القول على الله بغير علم، فمن أين لقائله ذلك؟ هذه دعوى لا برهان لها.
وإن كان المشروع للمؤمن أن يترك المعاصي عموما، ومن دواعي تركها: ألا يكون مستعملا نعمة الله تعالى في معصيته.
والله أعلم.