الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع طلاق زوجة المرتد بمجرد إرادتها أو طلبها إياه من زوجها

السؤال

نرجو إفتاءنا في هذا الأمر؛ لأنه لا يوجد عندنا من يفتينا من أهل العلم الموثوق بهم.
رجل ثبتت ردته عن الدين، هو كان لا يؤمن بالله، ولا بالرسول -والعياذ بالله- وهذا الرجل كان متزوجا قبل أن يرتد، والحمد لله عاد للإسلام، وتاب عما كان يعتقد، وزوجته تعيش معه الآن.
لنا عدة أسئلة، نرجو الإجابة عنها:
أولا: في مذهب ابن تيمية إذا ارتد الزوج لا ينفسخ النكاح، وأن الزوجة مخيرة بين انتظار إسلام زوجها، أو الزواج بآخر، وأيضا قرأنا أن الزوجة تملك أمر نفسها إذا ارتد زوجها.
والسؤال هو: زوجة ذلك الرجل الذي كان ارتد، كانت قد قالت لزوجها: طلقني أثناء فترة ردته؛ لأنها كانت لا تريد الاستمرار معه.
فهل بقولها ذلك، وهي تريد عدم الاستمرار مع زوجها، تكون طلقت نفسها، أو فسخت نكاحها. يعني هي لم تطلق نفسها، ولكن طلبت من زوجها أن يطلقها؛ لأنها كانت لا تريد الاستمرار معه.
فهل طبقا لمذهب ابن تيمية تكون مازالت زوجته، أم بقولها ذلك، وإرادتها عدم الاستمرار يكون النكاح قد انفسخ؟ وهل النكاح ينفسخ بمجرد إرادة عدم استمراره، علما أن الزوج رد عليها قائلا موافق، ولكنه لم يطلقها، ولم يكن ينوي بقوله موافق، إيقاع الطلاق عليها.
فهل يقع بما قاله الزوج، أو الزوجة، طلاق أو فسخ للنكاح؟
وهل إذا أرادت الزوجة فسخ النكاح بسبب ردة الزوج، هي التي تفسخ النكاح، أم إن القاضي هو الذي يفسخ النكاح؟
نرجو الإفتاء على مذهب ابن تيمية.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بكون امرأة المرتد تملك أمر نفسها، أنها بعد العدة، مخيرة في البقاء، وانتظار إسلام الزوج، أو فسخ النكاح، والزواج بغيره.

وأما سؤال المرأة الزوج الطلاق، أو إرادة الفسخ، فلا يحصل به الطلاق، أو الفسخ، وقول الزوج: موافق، رداً على سؤالها الطلاق، لا يقع به الطلاق؛ لأنّه وعد وليس تنجيزاً للطلاق.

جاء في الفتاوى الهندية: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِكَذَا، فَقَالَ: نَعَمْ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا: أَنَا طَالِقٌ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: نَعَمْ. اهـ.

وعليه، فإن كانت المرأة بقيت حتى رجع زوجها إلى الإسلام، فنكاحها صحيح على قول ابن تيمية -رحمه الله-
وإذا أرادت المرأة فسخ النكاح بسبب ردة الزوج، فالظاهر من كلام ابن تيمية -رحمه الله- أنّ الفسخ لا يتوقف على حكم الحاكم.

قال -رحمه الله-: وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ تَوَقُّفَ الْفَسْخِ عَلَى الْحُكْمِ هَلْ هُوَ الِاجْتِهَادُ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَيْضًا؟ أَوْ أَنَّ الْفُرْقَةَ يُحْتَاطُ لَهَا؟ وَالْأَقْوَى أَنَّ الْفَسْخَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالْعُنَّةِ، لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لَكِنْ إذَا رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى فِيهِ إمْضَاءَهُ، أَمْضَاهُ، وَإِنْ رَأَى إبْطَالَهُ أَبْطَلَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مجموع الفتاوى.
وراجع الفتوى رقم: 143337.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني