الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام العمل بشركات التأمين التجاري ورواتب التقاعد منه

السؤال

هل عمل أبي في قسم المحاسبة بشركة مصر للتأمين يجعل راتبه مختلطا أم حراما بالكلية؟ وهل يصح من راتبه عمل عمرة لنفسه ولأهله؟ وإن شاء الله بعد 3 أو 5 سنوات سيقدم طلبا بمعاش مبكر، فهل يأخذ مكافأة المعاش وينتفع بها؟ وكيف يبرئ كامل ذمته إذا كان اختار هذا العمل للضرورة حيث معظم أعمال الدولة ترتبط بالربا وذلك لأن المرتبات تقبض بواسطه بنوك ربوية؟ وأقصد بكامل ذمته الآتي: معيشتنا ومقومات الحياة، والبيت الذي نسكن فيه ماؤنا، وعفشه من أثاث وأجهزة كهربائية وغيره وما أهداه إلينا؟ وقد عمل بالتجارة من مال مرتب شركة التأمين فاشترى به من المزادات أشياء وباع، فهل حكم المال المكتسب من هذه التجارة يأخذ حكم رأس المال؟ فبالإضافة لما كسبه من تجارة المزاد، كل ذلك الذي ذكرته لكم أساسه وأصله مرتب شركة التأمين، فكيف يبرئ أبي ذمته من ذلك كله الآن؟ رجاء أفتوني فيما ذكرت بالكامل وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعمل بشركات التأمين التجاري محرم، ويجب على العامل فيها أن يبادر بتركها على الفور إلا أن يكون مضطرا، فيجوز له البقاء فيها بقدر ضرورته مع وجوب البحث الجاد عن مصدر دخل آخر مباح، وبخصوص الراتب ونحوه كمعاش التقاعد ينظر إن كان عمل مضطرا للعمل بحيث كان لا يجد عملا مباحا ينفق منه على نفسه وأهله فله الانتفاع بهذا المال في نفقته ونفقة من يعول، وكذا إن لم يكن مضطرا لكنه يجهل التحريم، فما كان قبل العلم بالتحريم لا بأس به، وفي غير ما تقدم لا يحل الراتب، وعليه صرفه في وجوه الخير ومنافع المسلمين.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة (15/ 8): أعمل محاسبا بشركة التأمين الأهلية المصرية (تأمين على الحياة) منذ عام 1981 م حتى الآن، وأتقاضى مرتبا + حوافز شهرية + أجور إضافية + مكافآت أرباح سنوية) طوال هذه المدة، ما حكم الدين في العمل أولا، والأجور المذكورة بعاليه ثانيا؟ وإذا كانت ليست بحلال فما حكم الدين في الأموال التي جمعت منها تلك المدة، والتي أريد أن أحج منها أو أعتق منها في سبيل الله؟ أطلب من الله العلي القدير أن ترد علي بأسرع ما يمكن، حيث إنني في حيرة وقلق، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب: أولا: التأمين على الحياة من التأمين التجاري، وهو محرم؛ لما فيه من الجهالة والغرر، وأكل المال بالباطل. والعمل في هذه الشركة لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم، وقد نهى الله عن ذلك بقوله سبحانه: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).
ثانيا: الأجور والأموال التي اكتسبتها من العمل في تلك الشركة قبل علمك بالتحريم لا بأس من الانتفاع بها؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الرزاق عفيفي... الشيخ عبد الله بن غديان.

وفي فتاوى دار الإفتاء بالأردن جوابا على السؤال: أريد أن أعمل موظفًا في إحدى شركات التأمين للمركبات (ترخيص المركبات)، ما حكم العمل في هذه الشركات، وما حكم الرواتب التي سآخذها من تلك الشركة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، لا يجوز العمل في شركات التأمين التجاري؛ وذلك لأجل الميسر والمقامرة التي يقوم عليها عمل هذه الشركات؛ فهي تأخذ أموال الناس وتتكسب بالفرق بين ما تدفعه لمستحقي مبالغ التأمين، وما تأخذه من المتعاقدين معها، والذي يتحكم بهذا الفرق هو قضاء الله وقدره فيما يكون من حوادث السيارات على الطرقات؛ فسبب الربح يقوم على المقامرة بالقضاء والقدر، وهذا هو الميسر الذي حرمه الله عز وجل في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90. فلا يجوز العمل في هذه الشركات في قول عامة أهل العلم، ولا يحل الراتب الذي يأخذه موظفوها؛ ولذلك نصيحتنا لك أن تبحث عن عمل آخر مباح، وأن تعمل بتقوى الله تعالى، وأن تتيقن بحسن العِوض منه عز وجل، وهو القائل سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3. والله تعالى أعلم.

وأما ما اشتراه بذلك المال فلا يلزمه بيعه؛ لتعلق الحرمة بذمته هو لا بعين ما اشتراه, وله أيضا أن ينتفع بربح ذلك المال إن كان استثمره في وجوه مباحة شرعا، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 296356، 299347، 134886، 254752. وأما اعتمار والدك من هذا المال فانظر فيه الفتاوى التالية: 34459 - 43044 - 62644 . وانظر للفائدة الفتوى رقم: 154195.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني