الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الكبائر والصغائر

السؤال

هل الشبهة التي تدرأ الحد تكتب كبيرة من الكبائر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أكثرت الأخت السائلة من السؤال عن حادث أحدثته، سبق أن أجبناها عنه في فتاوى سابقة، كالفتويين رقم: 303568، ورقم: 307774.

كما سبق أن أجبناها على سؤالها عن الشبهة التي تمنع الحد، هل يعاقب عليها المرء في القبر أو في الآخرة؟ وذلك في الفتوى رقم: 307657.

والذي يظهر من الأسئلة السابقة أن الأخت السائلة يؤرقها ذنبها بعد توبتها، حتى أصابها الشك والوسوسة وفسد عليها معاشها، وضاقت الدنيا في وجهها حتى فكرت في الانتحار!!! كما ذكرت عن نفسها، ولذلك نقول في جواب خصوص حالها: إن ما أصابته ليس هو بالزنا الموجب للحد، حتى نقول إنه يُدرأ بالشبهة! وأما السؤال عن كون ذلك كبيرة أو صغيرة؟ فهذا إنما يتأكد في حق من لم يتب من ذنبه، وأما من تاب توبة نصوحا، فتوبته مقبولة، سواء أكانت من صغيرة أو من كبيرة، ونزيد السائلة هنا بشارة نبوية، وهي ما رواه البخاري ومسلم ـ واللفظ له ـ عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إني عالجت امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا فاقض في ما شئت، فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك، قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه وتلا عليه هذه الآية: أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ـ فقال رجل من القوم: يا نبي الله؛ هذا له خاصة؟ قال: بل للناس كافة.

قال النووي: مَعْنَى: عَالَجَهَا ـ أَيْ تَنَاوَلَهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا، وَالْمُرَاد بِالْمَسِّ الْجِمَاع، وَمَعْنَاهُ: اِسْتَمْتَعْت بِهَا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُعَانَقَة وَغَيْرهمَا مِنْ جَمِيع أَنْوَاع الِاسْتِمْتَاع إِلَّا الْجِمَاع. اهـ.

وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: دل هذا الحديث أن القبلة وشبهها مما أصابه الرجل من المرأة غير الجماع كل ذلك من الصغائر التي يغفرها الله باجتناب الكبائر، والصغائر هي من اللمم التي وعد الله مغفرتها لمجتنب الكبائر بقوله تعالى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة {النجم: 32} وهذه الآية تفسير قوله: إن الحسنات يذهبن السيئات {هود: 114} وأما الكبائر: فأهل السنة مجمعون على أنه لا بد فيها من التوبة والندم والإقلاع واعتقاد أن لا عودة فيها، روى سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس كفارة لما بينهن لمن اجتنب الكبائر. اهـ.

وقال ابن الملقن في التوضيح في فوائد هذا الحديث: عدم وجوب الحد في القبلة وشبهها من اللمس ونحوه من الصغائر، وهي من اللمم المعفو عنه باجتناب الكبائر بنص القرآن، وقد يستدل به على أنه لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد، وهو اختيار ابن المنذر. اهـ.

وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 40071، ورقم: 110487.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني