السؤال
أعمل بالتجارة، وأتعامل مع أشخاص غير مسلمين، وعندما أشتري بضاعة هم الذين يشحنون لي البضاعة ويأخذون مقابل الشحن عشرة بالمائة، وأغلب الأحيان أتعامل معهم بالدين، أي يرسلون لي البضاعة، وأنا أرسل لهم النقود بعد شهرين أو ثلاثة، دون أن يزيد في أجر الخدمة المقررة، وهي عشرة بالمائة، فهل هذا جائز؟وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز التعامل مع الكفار في البيع والشراء، ودليل هذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ففي البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.
قال ابن العربي في أحكام القرآن: الصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحامهم ما حرم الله سبحانه عليهم، فقد قام الدليل على ذلك قرآنا وسنة قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُم [المائدة:5].إلى أن قال: والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأئمة على جواز التجارة مع أهل الحرب، وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجراً. انتهى. هذا في ما يتعلق بأصل جواز التعامل مع الكفار.
أما بالنسبة للوفاء بالعقود وما يتفرع عنها من أموال، فهو واجب، فالله -عزَّ وجلَّ- أمر بالوفاء بالعقود، وألزم بأداء الديون والأمانات، وجعل مطل الغني ظلماً يحل عرضه وعقوبته، جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، وعليه فمن تعامل مع غير مسلم وائتمنه، فإنه يجب عليه أن يؤدي إليه حقه، ولا يبيح له كونه غير مسلم أكل ماله ومطل حقه، فالمسلمون هم الأولى بأداء الأمانات وتطهير الذمم والوفاء بالعقود، وأموال الناس محترمة حرمها الله تعالى بغير طيب نفس من أهلها، لا فرق في ذلك بين مال المسلم ومال الكافر غير المحارب.
هذا وينبغي التنبه إلى أن المبلغ المعبر عنه بعشرة في المائة لا يؤثر أخذه في جواز هذه المعاملة، فهي جائزة مع أخذه، لأنه إما أن يؤخذ على أنه مقابل قيامهم بخدمة الشحن، وتقديم البضاعة للشحن وما يتعلق بذلك، وإما أن يكون ضمن الربح وهو جائز بأي نسبة كان.
والله أعلم.