الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفصيل القول فيما لو اشترطت الزوجة ألا يتزوج عليها أخرى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السؤال: هل يجوز للمرأة أن تشترط فى عقد النكاح أن لا يتزوج عليها زوجها بأخرى، أفتونا بذلك مأجورين؟ والسلام عليكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المرأة إذا اشترطت عند عقد النكاح شرطا يعود عليها بمنفعة مثل أن لا يتزوج عليها أو لا يسافر بها، فللعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك مذهبان: المذهب الأول:يرى أن الزواج صحيح، وأن هذه الشروط ملغاة لا يلزم الزوج الوفاء بها،وهو مذهب الشافعي وآخرين، وأدلتهم كالتالي: 1-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي. وقالوا:وهذا الشرط الذي اشترط يحرم الحلال، وهو التزوج والتسري وغير ذلك. 2-قوله صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل،وإن كان مائة شرط. متفق عليه. وقالوا: وهذا ليس في كتاب الله،لأن الشرع لا يقتضيه. 3-قالوا: إن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ولا مقتضاه. المذهب الثاني: أن الزواج صحيح والشرط صحيح يلزم الوفاء به،وهو مذهب كثير من الصحابة وآخرين من غيرهم، منهم الأوزاعي والحنابلة ، واستدلوا بما يلي: 1-قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]. 2-قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري. 3-الحديث المتفق عليه من رواية عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج. 4-روى الأثرم بإسناده أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر بن الخطاب، فقال: لها شروطها: (مقاطع الحقوق عند الشروط). 5-ولأنه شرط لها فيه منفعة ومقصود لا يمنع المقصود من النكاح،فكان لازما كما لو شرطت عليه زيادة المهر. قال ابن قدامة مرجحا هذا القول ومفندا للرأي الأول: وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، أي ليس في حكم الله وشرعه،وهذا مشروع،وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته على أن الخلاف في مشروعيته،ومن نفى ذلك فعليه الدليل ، وقولهم: إن هذا يحرم الحلال: قلنا لا يحرم حلالا،وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ إن لم يف لها به. وقولهم: ليس من مصلحته:قلنا: لا نسلم ذلك،فإنه من مصلحة المرأة وما كان من مصلحة العاقد كان من مصلحة عقده، انتهى ، وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وسبب اختلافهم معارضة العموم للخصوص، فأما العموم فحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط. وأما الخصوص: فحديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج. والحديثان متفق عليهما، إلا أن المشهور عند الأصوليين القضاء بالخصوص على العموم، وهو لزوم الشرط، وقال ابن تيمية: ومقاصد العقلاء إذا دخلت في العقود وكانت من الصلاح الذي هو المقصود لم تذهب عفوا ولم تهدر رأسا كالآجال في الأعواض،ونقود الأثمان المعينة ببعض البلدان، والصفات في المبيعات، والحرفة المشروطة في أحد الزوجين،وقد تفيد الشروط ما لا يفيده الإطلاق بل ما يخالف الإطلاق، وبهذا يظهر أن هذا النوع من الشروط يشتمل على مصلحة للمرأة، ويلزم الوفاء به نظرا للأدلة الواضحة التي تدعم هذا القول، وللمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 1357.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني